شركة “الراقي” في إدلب: هل تؤسس هيئة تحرير الشام ذراعًا اقتصادية تحت ستار إعادة الإعمار؟

أثارت العقود الأخيرة التي وقّعتها محافظة إدلب مع شركة “الراقي” للإنشاءات والاستثمار، موجة من التساؤلات حول مستقبل النفوذ الاقتصادي، ومدى ارتباطه بقيادات في هيئة تحرير الشام، في مشهد يعيد للأذهان تجربة رامي مخلوف خلال حكم نظام الأسد.

عقود بقيمة 12 مليون دولار مع شركة مرتبطة بقيادي سابق في “تحرير الشام”

أعلنت محافظة إدلب توقيع عقود لإعادة تأهيل شبكة الطرق الاستراتيجية مع شركة “الراقي”، بقيمة 12 مليون دولار. ما أثار الجدل هو أن المدير التنفيذي للشركة هو عبد الرحمن سلامة، المعروف باسم “أبو إبراهيم”، وهو أحد أبرز القادة السابقين في هيئة تحرير الشام، والوجه الأمني البارز الذي ارتبط اسمه طويلاً بالذراع العسكرية والاستخباراتية للهيئة، ما يشير إلى انتقال النفوذ من العسكري إلى الاقتصادي في هيكل السلطة الجديد شمال غرب سوريا.

من هو “أبو إبراهيم سلامة”؟

ينحدر “أبو إبراهيم” من عندان بريف حلب، وسبق أن شغل منصب “أمير حلب” في جبهة النصرة، قبل أن ينتقل إلى تأسيس “الراقي” عام 2020. ومنذ ذلك الحين، توسعت أعمال الشركة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والإسكان ومخيمات النازحين، وحازت على نسبة تتجاوز 70% من مناقصات الإنشاءات في إدلب، دون منافسة واضحة.

احتكار اقتصادي تحت غطاء إعادة الإعمار

بحسب تقرير نشرته منصة The Syria Report فإن أغلب المشاريع التي نُفذت في إدلب، ومنها مشروع إسكان يضم 1000 وحدة للنازحين، أُسندت مباشرة لشركة “الراقي” بدون مناقصات رسمية، ما يعزز الشكوك حول وجود احتكار اقتصادي ممنهج.

إقصاء المنافسين واحتكار السوق

تواجه شركة “الراقي” اتهامات بإقصاء الشركات المحلية الأخرى عن المشهد الاستثماري، بعد استحواذها على مشاريع إنشائية تموّلها جهات دولية مثل منظمة “آفاد” التركية، ومشاريع تجارية مثل “مدينة سرمدا الجديدة”، التي تستهدف الطبقة المقرّبة من الهيئة.

هل تتحول هيئة تحرير الشام إلى قوة اقتصادية؟

يرى ناشطون أن “الراقي” ما هي إلا واجهة اقتصادية ناعمة لهيئة تحرير الشام، تهدف إلى إعادة تدوير نفوذها في شكل مدني، وسط غياب مؤسسات رقابية حقيقية. ويؤكد البعض أن قادة الهيئة باتوا يسيطرون على الملف الاقتصادي في إدلب، تحت ستار تنمية واستثمار.

الظهور المتكرر لـ “أبو إبراهيم” مع القيادة الجديدة

أظهرت صور رسمية أبو إبراهيم سلامة إلى جانب رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في مناسبات دبلوماسية وزيارات دولية، منها لقاء مع وزيرة الخارجية الألمانية في دمشق في 20 من آذار/ مارس الماضي، وافتتاح طريق حلب باب الهوى، ما يؤكد تصاعد نفوذه السياسي والاقتصادي.

تنمية أم إعادة إنتاج للنفوذ؟

لا يمكن فصل العقود التي وقّعتها محافظة إدلب مع شركة يديرها قيادي سابق في هيئة تحرير الشام عن المشهد السوري الأوسع في مرحلته الانتقالية. فالتداخل بين الاقتصاد والسياسة والأمن بات السمة الأبرز لهذه المرحلة، حيث تُستغل مشاريع التنمية كأدوات لإعادة هندسة شبكات النفوذ المحلية، لا انطلاقًا من الكفاءة أو الحاجة العامة، بل وفق معايير الولاء والقدرة على التكيّف مع موازين القوة الجديدة.

إقرأ أيضاً: ما بعد الأسد: من يرث اقتصاد المخدرات في سوريا؟

إقرأ أيضاً: دمشق تنفي صفقات التسوية السرّية: إعادة هيكلة الاقتصاد لا تعني العفو

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.