سوريون يعودون إلى بلادهم في سوريا الجديدة.. لكنهم يصطدمون بـ”إرث أمني”
رغم سقوط النظام السابق، وعودة آلاف السوريين إلى بلادهم خلال الأشهر الماضية، إلا أن مشكلات قانونية وأمنية تعود جذورها إلى فترة حكم بشار الأسد، ما تزال تطفو على السطح، وتعرقل حياة عدد من المواطنين، أبرزها حالات تتعلق بحرمان البعض من حقوقهم المدنية، أو استمرار العمل باتهامات أمنية قديمة تعود لأكثر من 10 سنوات.
من الانشقاق إلى فقدان الجنسية
أبرز هذه الحالات ما رواه علاء درويش، وهو مواطن من مدينة حلب، عاد إلى سوريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 عبر معبر كسب، بعد مغادرته البلاد بطريقة نظامية عام 2015.
بحسب روايته التي نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن درويش تسلم ورقة تعهد لتسليم نفسه إلى شعبة التجنيد خلال 15 يوماً، لكنه بقي متوارياً عن الأنظار، قبل أن يتم توقيفه في آب 2021، ثم إلحاقه بالخدمة العسكرية، حيث لم يمكث سوى شهر قبل أن ينشق عنها، ليُعتقل مرة أخرى في حزيران/يونيو 2024.
ويقول درويش إنه تنقل بين عدة أفرع أمنية، وصولاً إلى سجن “البالوني”، حيث تعرض لتعذيب شديد، ما دفعه إلى نقل ملكية ممتلكاته لشخص مقرّب خوفاً من مصادرتها، لكنه وبعد سقوط النظام، حاول استعادة ممتلكاته وتقديم طلب للحصول على بطاقة هوية بدل ضائع، ليفاجأ بأنه “محروم من حقوقه كمواطن”.
وأوضح درويش أن طلبه رُفض لأنه لم يُجرِ “تسوية” مع النظام السابق، إذ تم إبلاغه بأنه لا يحق له الحصول على هوية أو جواز سفر أو حتى تقديم ضبط شرطة، وهو ما اعتبره شكلاً من التجريد من الجنسية.
لكن لاحقاً، نشر درويش أن عدة جهات حكومية تواصلت معه، ووعدت بحل المشكلة والعمل على إعادة إصدار أوراقه الرسمية.
مطلوب بسبب تظاهرة في 2011
في حادثة مشابهة لكنها من نوع مختلف، تحدّث المواطن أحمد الياسين عن رفض دائرة الهجرة والجوازات في مدينة اللاذقية إصدار جواز سفر له، بعد أن تبين وجود مذكرة توقيف بحقه بتهمة “المشاركة في تظاهرات مناهضة للنظام عام 2011”.
وأوضح الياسين أنه تفاجأ بالاتهام بعد مرور أكثر من 14 عاماً على بداية الحراك الشعبي، مضيفاً أن رئيس الفرع أعطاه وثيقة توقيف وطلب منه مراجعة الجهات الأمنية في مدينة حمص، من أجل إسقاط التهمة أو تسوية وضعه.
وأشار إلى أن معظم العائدين إلى سوريا بعد سقوط النظام كانوا قد واجهوا اتهامات مشابهة، لكنها لم تمنعهم من دخول البلاد أو متابعة حياتهم، داعياً إلى إلغاء الإجراءات البيروقراطية القديمة التي تعرقل حياة المواطنين.
الحاجة لإصلاح إداري عاجل
تسلط هذه الحالات الضوء على ضرورة مراجعة النظام الإداري والقانوني في سوريا، ولا سيما فيما يخص السجلات الأمنية والإجراءات المتوارثة عن عهد النظام السابق، والتي لا تزال تؤثر في حياة أفراد لم يعودوا موضع متابعة أو ملاحقة، بل يتطلعون لبدء حياة جديدة.
ويرى مراقبون أن التخلص من “إرث الملاحقات السياسية”، ومعالجة ملفات المنشقين والمطلوبين لأسباب سابقة، يعدان من أولويات العدالة الانتقالية، خاصة أن جزءاً كبيراً من هذه القضايا لا يستند إلى مسوغات قانونية فعلية، بل إلى تصنيفات سياسية مرتبطة بالنظام السابق.
اقرأ أيضاً:زيادة الرواتب بنسبة 200% في سوريا تُشعل الأسعار وتثير جدلاً حول آثارها المعيشية