بحسابات “الشاورما”.. التضخم تجاوز 31000 في المئة

داما بوست | حسن عيسى

وصل الوضع المعيشي في سوريا إلى مُستوى مُتدنٍّ غير مسبوق، أصبحت فيه الأسر السّورية تُعاني من صُعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتها الأساسيّة، في ظل عدد من العوامل والأحداث التي نقلت النسبة الكبرى منهم من حالةٍ مُستقرة مُتوازنة يسعون فيها إلى الحُصول على الكماليات، إلى حالةٍ مُناقضة تماماً، قمّة الرّفاهية والكماليات فيها هو تناول سندويشة شاورما

دخل الفرد

مرصد الاقتصاد التّابع للبنك الدّولي، كشف عن أن حجم النّشاط الاقتصادي في سوريا انخفض إلى النّصف في المدة المُمتدة بين عامي 2010 و2019، مُبيناً أنّ مُعدلات الفقر سجّلت ارتفاعاً مطرداً مُنذ بداية الحرب، وهذا يصوّر تدهوراً في فُرص كسب العيش والتآكل التّدريجي لقدرة الأسرة على التّكيف، فأثّر التضخُّم المُرتفع في الفقراء والفئات الضّعيفة تأثيراً سلبياً، مع توقّعات أن تستمر الظّروف الاقتصادية بالتّدهور، نتيجة الحصار الخارجي والاضطرابات في لبنان وتركيا، وتأثيرات جائحة كورونا، والحرب المُستمرّة في أوكرانيا.

ووفق مؤشّر مُتوسّط دخل المُستهلك MCI الذي يستخدمه موقع Numbeo لقياس قُدرة المُستهلك على شراء المواد والخدمات في مدينة مُعينة، فإن قيمة “MCI” لدمشق في كانون الثاني 2022 هي 1.76، أي أن مُتوسط دخل المُستهلك في دمشق هو 1.76% من مُتوسط دخل المُستهلك في نيويورك، وإذا افترضنا أن مُتوسط دخل المًستهلك في نيويورك هو 3000 دولار شهرياً، فإن مًتوسط دخل المًستهلك في دمشق سيكون نحو 52 دولاراً شهرياً، أما في عام 2010 فقد بلغت قيمة “MCI” لدمشق 21.05، أي أن متوسط دخل المُستهلك كان نحو 421 دولاراً شهرياً، إذا افترضنا أن مُتوسط دخل المُستهلك في نيويورك كان 2000 دولار.

ومن هذه المُؤشرات، يمكن استنتاج أن مُستوى انهيار دخل الفرد في سوريا منذ عام 2010 هو نحو 90%، وهذا يعني أن قدرة المُستهلك على شراء مُختلف السّلع والخدمات تراجعت تراجعاً كبيراً، في ظل استمرار الحرب والحصار، فأصبحت السّلع والخدمات الأساسية شحيحة أو باهظة الثمن أو غير مُتوفرة، مع وصول نسبة السُّكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى نحو 90% (أي أقل من 1.9 دولار يومياً) مُقارنةً بـ 28% في عام 2010، وفق إحصائيات أممية.

 

أسعار السندويش

نتيجة انهيار العملة وارتفاع التضخُّم وانخفاض الإنتاج والدخل، أصبح سعر السندويشة، التي كانت على مدى سنوات وجبةً بسيطة ورخيصة، يمثّل تحدّياً ومُشكلة لكثير من الأسر، فأصبح السوريون يستخدمون سعرها كمؤشرٍ لقياس مدى تدهور حالتهم المعيشية وانخفاض قدرتهم على التكيّف.

وبحسب آخر نشرة رسمية، فإن سعر سندويشة الفلافل بالخبز السياحي الصغير أو المشروح مع بندورة ومخلل ولبن بأربعة أقراص أصبح بـ3500 ليرة، وبسعر 4000 ليرة إذا كانت بالخبز السياحي الكبير أو المشروح وستة أقراص، أو إذا كانت فلافل بالخبز الصمون، وقرص الفلافل بـ175 ليرة، بينما تم تحديد سعر سندويشة البطاطا بـ4000 ليرة، أما في السوق غير الرّسمية، تراوح سعر سندويشة الفلافل بين 3500 و5000 ليرة، وقرص الفلافل 200 ليرة، على حين سجلت سندويشة البطاطا سعراً بين 4000 و6000 ليرة، بينما وصلت أسعار سندويش الدّجاج إلى ما يزيد على 14 ألف ليرة، في ظل غياب الرّقابة على محلات المأكولات الشّعبية التي لا تلتزم بالتّسعيرة الرّسمية.

أما سندويشة الشاورما، الوجبة الشعبية والمحببة لدى السوريين كافة، فقد أصبحت في السنوات الأخيرة خارج مُتناول الكثيرين بسبب ارتفاع أسعارها ارتفاعاً كبيراً في الأشهر الأخيرة، حتى باتت مؤشراً لقياس مدى انهيار دخل الفرد وارتفاع التضخّم وانخفاض المعيشة في سوريا منذ عام 2010، نتيجة عدد من العوامل، ويظهر ذلك كالتالي:
في عام 2010 بلغ مُتوسط سعر سندويشة الشاورما نحو 35 ليرة، أي ما يُعادل 0.8 دولار، وفي عام 2015 بلغ سعرها نحو 200 ليرة أي ما يُعادل 1 دولار كذلك، أما في عام 2020 قفز سعر السندويشة إلى ما يُقارب 1000 ليرة وهو مُتوسط سعر الصرف في تلك المدة، إلا أنها ارتفعت أكثر من عشرة أضعافٍ مُنتصف العام 2023 لتصل إلى نحو 11 ألف ليرة في المحال الشعبية، في وقتٍ وصل فيه سعر الصرف في السوق غير الرّسمية “السوداء” إلى ما يقارب 9000 ليرة.

وبحساب مُعدّل التضخّم وفق تلك البيانات، يظهر أنه في العام 2015 ارتفع سعر سندويشة الشاورما نحو 5.7 أضعاف بنسبة تضخم 471% في غضون خمس سنوات و55% على أساس سنوي، وفي عام 2020 ارتفع سعر السندويشة نحو خمسة أضعاف بنسبة تضخّم 400% خلال خمس سنوات و48% على أساس سنوي، بينما ارتفع سعرها 11 ضعفاً منتصف 2023 بنسبة تضخم 1000% في غضون ثلاث سنوات و144% على أساس سنوي.

وتُشير هذه الإحصائيات التي أجريناها في داما بوست إلى أن سعر السندويشة ارتفع بنسبة نحو 31400% في 13 سنة، أو بمُعدل يصل إلى 629% في السنة، مما يدُل على تضخّم هائل عاشه اقتصاد سوريا، في الوقت الذي تدنّى فيه دخل الفرد من مُستوى كان يخوّله شراء نحو 371 سندويشة في عام 2010 في حال كان موظفاً يتقاضى 13 ألف ليرة، إلى مُستوى لا يستطيع فيه شراء سوى 12 سندويشة في عام 2023 كون مُتوسط الرّواتب الحكومية هو 140 ألف ليرة سورية فقط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التعليم لداما بوست: لا ترفع إداري أو دورة تكميلية لهذا العام بسبب الضرائب.. فصيل "العمشات" يحاصر قرية في ريف عفرين ضرائب على الزيتون.. فصيل "الحمزات" يزيد الضغط على سكان قرى عفرين عملية سطو تستهدف كوادر منظمة دولية جنوب الحسكة.. من الفاعل..؟ بـ منعها وجهاء عشائر من الوساطة.. "قسد" تمنع وقف القتال في الشحيل بريف دير الزور قبيل بدء الموسم.. ارتفاع يومية عمال قطاف الزيتون إلى أرقام قياسية "قسد" تطلق النار على مسافرين في الرقة.. مقتل امرأة مسنة وإصابة خمسة آخرين السعودية: لا تطبيع مع "إسرائيل" دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة المقاومة العراقية تستهدف موقعاً للعدو الصهيوني ولايتي: تفجير أجهزة الاتصالات في لبنان جرى بدعم أمريكي الجزائر تعزي لبنان وتعرب عن تضامنها أعضاء مجلس الشعب يطالبون بإصدار تشريع يمنح طلاب الجامعات دورة تكميلية أو ترفعاً إدارياً الأمم المتحدة تمهل "إسرائيل" 12 شهراً لإنهاء وجودها في فلسطين مع تحسن كميات المازوت.. هل تنحسر أزمة النقل في اللاذقية؟ السيد هاشم صفي الدين: العدوان الصهيوني له عقابه الخاص.. وإسناد غزة سيزداد قوة خط توتر صافيتا يتعرض للسرقة ماذا تعرف عن خطة "الجنرالات" في قطاع غزة؟ 14 شهيداً بانفجارات جديدة لعدد من أجهزة الاتصال في لبنان.. ماهو جهاز إيكوم icom ؟ آلية جديدة لتوزيع الغاز المنزلي.. وماذا عن رفع تعرفة القطاع الصحي؟ الهجرة العكسية تنهك إسرائيل الأردن: إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل لا يخدم مصلحة الأردن وفلسطين الرئيس الإيراني: تفجير أجهزة اتصالات في لبنان جريمة اشترك بها الغرب مع "إسرائيل" تعرف على عدد شهداء القطاع الصحي في غزة مجلس محافظة حلب يرفع توصية بإعفاء رئيس مجلس المدينة من مهامه.. والسبب! 12 شهيداً حتى الآن حصيلة العدوان السيبراني الإسرائيلي على لبنان