تيمّناً بعادل إمام في فيلم “المتسول”.. أسلوب جديد للتسول في حلب
داما بوست – خاص| ربما لم يكن ليخطر في بال الفنان المصري “وحيد سيف” أثناء تطبيقه نموذج المتسول بثياب أنيقة على الفنان “عادل إمام” في فيلم “المتسول”، والذي أطلق عليه “سيف” حينها تسمية “ارحموا” اقتباساً من عبارة “ارحموا عزيز قوم ذل”، أن النموذج سيأخذ طريقه إلى التنفيذ مستقبلاً من قبل ممتهني التسول، الأمر الذي بات يحدث بالفعل مؤخراً في شوارع مدينة حلب.
ويبدو أن أساليب التسول التقليدية المعتمدة على ثياب رثة أو ادعاء الإعاقة الجسدية، لم تعد تؤتي بثمارها لدى بعض متسولي حلب، ففضلوا اللجوء إلى أسلوب “ارحموا” الذي يعود تاريخ ابتكاره في الفيلم إلى أكثر من /40/ عاماً، بالاعتماد على لباس أنيق والتحدث بلهجة منمقة، مع تركيز نشاطهم على المناطق الراقية والسيارات الحديثة التي تمر في شوارعها.
وتطابقت روايات عدد من أهالي حلب لـ “داما بوست”، حول مواقف تعرضوا لها مؤخراً من قبل أشخاص بملابس نظيفة وأنيقة ولا تبدو عليهم أياً من مظاهر التسول، تمثلت في طلب أولئك الأشخاص مبالغ مالية بذرائع مختلفة، تتركز معظمها حول تعرضهم إما للسرقة أو لضياع أموالهم جراء ظرف معين، وحاجتهم إلى أجرة “تاكسي” للوصول إلى منازلهم، مع التنويه أنهم يقطنون في منطقة بعيدة نسبياً عن المنطقة التي يوجدون فيها، بهدف تحصيل أكبر مبلغ ممكن.
وتحدث “أبو باسل” صاحب مكتب عقاري في حي “جمعية الزهراء” لـ “داما بوست” عن موقف تعرض له قبل نحو أسبوعين قائلاً: “عندما خرجت من مكتبي خلال فترة الغداء وأثناء ركوبي في سيارتي، فوجئت بسيدة تبدو عليها مظاهر النعمة، أوقفتني وأكدت لي حاجتها للمساعدة كونها تعرضت لسرقة حقيبتها بعد قضائها لبعض الأعمال في القصر العدلي، وطلبت مني مبلغ /20/ ألف ليرة لتتمكن من أخذ سيارة أجرة تعود بها إلى منزلها في حي الأشرفية”.
وأردف بالقول: “شعرت بالحرج بالفعل من الموقف وخاصة أن المرأة لا تبدو متسولة بالمطلق، وبالتالي لبيت طلبها وغادرت، إلا أنني اضطررت للعودة إلى المكتب قبل أن أصل إلى البيت نتيجة موعد مستعجل مع أحد الزبائن، لأجد المرأة ذاتها تتحدث مع أحد المارة، ويتبين لي بعد الاقتراب منهما، أنها كانت تطلب منه مبلغاً من المال وفق الحجة نفسها التي قالتها لي قبل دقائق معدودة، مع تغيير جزئية عنوان سكنها من الأشرفية إلى الميدان!”.
“محمد. ح” طالب جامعي، تعرض لموقف مشابه مع اختلاف المكان و”السيناريو”، موضحاً بأن سيدة يبدو عليها أنها من الطبقة المتوسطة، أوقفته خلال مروره خلف نادي الاتحاد بحي “الموكامبو”، وأكدت له أنها ليست بمتسولة، وبأنها من عائلة محترمة ولكن “الزمان جار عليها”، واضطرها لطلب المساعدة من الناس: “وطلبت مني مبلغاً من المال لشراء مستلزمات الغداء لمنزلها لا أكثر، وهنا بالفعل لم يخطر ببالي سوى عبارة (ارحموا عزيز قوم ذل) وسارعت إلى إعطائها ما طلبته وزيادة عليه، وطلبت منها أن تتوجه فوراً إلى البقالة المجاورة لشراء حاجياتها والعودة للمنزل، وهو ما أكدته لي السيدة حينها”.
“بعد مساعدة السيدة شعرت بكل مشاعر السعادة والفخر بنفسي وبالحزن والأسى على الحال الذي وصلنا إليه، إلا أن كل تلك المشاعر ذهبت أدراج الرياح وتحولت إلى الغضب والاستياء والشعور بالغباء، حيث أنني وبعد انتهاء زيارتي لمنزل صديقي في حي مجاور وعودتي إلى الشارع ذاته، وجدت المرأة ذاتها تأخذ المال من أحد الشبان المارين في المنطقة، الأمر الذي دفعني لإيقافه وبعد ذلك وسؤاله عما جرى، ليتبين أنها قصت له نفس القصة التي روتها لي ونجحت في تحصيل مبلغ مالي محترم من الشاب”، وفق قول “محمد”.
مواقف عديدة رواها حلبيون لـ “داما بوست”، تطابقت مع ما حدث لـ “أبو رائد” و”محمد”، إلا أن الحادثة الأكثر طرافة، تمثلت في ما تعرض له “أبو خالد”، تاجر ألبسة من قاطني حي “شارع النيل”، والذي أكد بأن سيدةً طلبت منه أثناء مغادرته إلى عمله صباحاً، أجرة تاكسي للعودة إلى منزلها في حي “حلب الجديدة” الراقي، كونها أضاعت حقيبتها ومالها، ثم عادت وطلبت منه الطلب ذاته وبالحجة ذاتها مع عودته إلى المنزل في المساء.
واستنكر معظم من التقتهم “داما بوست” في حلب ذلك التصرف المشين من بعض ممتهني التسول، معتبرين أن ذلك “السيناريو” من شأنه أن يقضي على الشهامة والمروءة في قلوب الناس، وسينعكس بالنتيجة على المحتاجين فعلاً ويقطع عنهم أي مساعدة قد يحصلون عليها من أصحاب الخير، بينما اختصر آخرون ردّهم بالقول: “نحن منعمل اللي علينا قدام ربنا.. واللي بدو يضحك علينا إلو رب يحاسبو”.