ظاهرة الري بمياه الصرف الصحي تهدد الأمن الغذائي في ريف دمشق

تشهد مناطق واسعة من ريف دمشق تدهورًا ملحوظًا في الأمن الغذائي نتيجة اتساع استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الري الزراعي، ما يشكل تهديدًا مزدوجًا للصحة العامة والبيئة، في وقت تحاول فيه الجهات الحكومية دعم الإنتاج الزراعي وتوفير الغذاء وسط شح الموارد المائية وارتفاع تكاليف الري التقليدي.

مع تراجع معدلات الأمطار إلى أدنى مستوياتها خلال العقد الأخير وتفاقم أزمة الجفاف، يلجأ بعض المزارعين إلى مصادر مياه بديلة محفوفة بالمخاطر لتعويض نقص مياه الري. ومن أبرز هذه الممارسات الخطرة استخدام ما يعرف بـ “المياه السوداء” لسقاية المحاصيل، وهو ما يؤدي إلى تهديد سلامة الغذاء المعروض في الأسواق المحلية.

في عدد من الحقول على أطراف ريف دمشق، وثقت مديرية الزراعة عدة مخالفات لممارسات الري بمياه ملوثة، رصدتها عبر لجان فنية متواجدة يوميًا، حيث أدى استخدام المياه الملوثة إلى تلف مساحات من المزروعات وتنظيم ضبوط بحق المخالفين. وتشير المديرية إلى أن هذه الضبطيات لا تعكس حجم المشكلة الفعلي، في ظل نقص مصادر المياه النقية والضغوط الاقتصادية التي تواجه المزارعين.

وأكدت رئيسة دائرة زراعة دمشق، الدكتورة أماني الحيجي، أن ملف الري بمياه الصرف الصحي يعد من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا، ويولي الفريق الفني واللجان الميدانية اهتمامًا خاصًا لضمان سلامة المنتج الزراعي والأمن الغذائي، بما يشمل تنظيم الضبوط وإحالتها إلى الجهات القانونية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، والتي قد تتضمن ملاحقة قضائية وفرض غرامات مالية.

وتعمل الحكومة، وفق الحيجي، على معالجة جذور المشكلة من خلال إعادة تأهيل محطات الصرف الصحي القائمة وتوسيع قدرتها على معالجة المياه، لتوفير مصدر آمن للري يتوافق مع المعايير الصحية، إضافة إلى دعم المزارعين في مواجهة ارتفاع تكاليف الطاقة والمياه، وتوسيع مشاريع إعادة استخدام المياه المعالجة.

وتشير مصادر فنية في مديرية الزراعة إلى أن جزءًا كبيرًا من استخدام المياه غير الآمنة يرتبط بعوامل اقتصادية، حيث يؤدي ارتفاع أسعار المازوت والكهرباء إلى جعل تكلفة الري النظيف مرتفعة مقارنة باللجوء إلى مياه الصرف الصحي المتاحة.

ويحذر خبراء الصحة والبيئة من تداعيات طويلة المدى لهذه الظاهرة، التي قد تتسبب في انتشار الأمراض المنقولة عبر الغذاء وتلوث التربة، بالإضافة إلى احتمال تأثيرها على زراعة المحاصيل الاستراتيجية وتوسع رقعة التلوث في المناطق المجاورة.

وتأتي هذه المخاطر في ظل استمرار الأزمة المائية وتراجع القدرة على ضبط الممارسات الزراعية، ما يجعل معالجة المشكلة من جذورها ضرورة ملحة، عبر توفير بدائل آمنة للمزارعين وتنفيذ مشاريع معالجة مستدامة، لضمان حماية الأمن الغذائي في واحدة من أصعب المراحل التي يمر بها القطاع الزراعي السوري.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد حذر سابقًا من أزمة غذائية حادة في سوريا نتيجة جفاف غير مسبوق منذ 36 عامًا، ما أدى إلى تراجع إنتاج القمح بنسبة تصل إلى 40% وتهديد نحو ثلاثة ملايين شخص بالجوع الشديد، مع تسجيل أكثر من نصف السكان انعدامًا في الأمن الغذائي.

اقرأ أيضاً:إسرائيل تلوّح بإمداد سوريا بالمياه بعد احتلالها أهم موارد الجنوب

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.