داما بوست _ علي محمود سليمان | اعتبر الخبير الاقتصادي عامر شهدا أن الاقتصاد السوري يمر حالياً بمشكلة كبيرة جداً لا يمكن تلافيها على المدى القصير، وهي تحتاج إلى وقت طويل حتى يتم معالجة الأثار السلبية لها.
شهدا أوضح في حديثه لشبكة “داما بوست” أن خروج حلب من معادلة الاقتصاد السوري سيكون له تداعيات كبيرة على حجوم الإنتاج والاستهلاك والموارد وعلى الكتلة النقدية المتداولة، حيث أن حلب تلعب ثقلاً صناعياً وتجارياً كبيراً في معادلة السوق الاقتصادية السورية، إن كان على مستوى الإنتاج أو التصدير.
وأشار إلى أن موارد الخزينة العامة ستتراجع لجهة الضرائب والرسوم وبدائل الخدمات ورسوم التخليص الجمركي، منوهاً إلى أن المواد الأولية المستوردة ما قبل خروج حلب من الخدمة، سيجري تخليصها كمواد أولية وليس كمواد مصنعة ولهذا الأمر تداعيات اقتصادية أيضاً على مستوى الإنتاج وتشغيل اليد العاملة، معتبراً بأننا سنواجه مشكلة بطالة بسبب خروج المصانع في المدينة الصناعية بحلب عن الإنتاج،
الاقتصاد سيصاب بالشلل
بدوره قال أمين سر غرفة صناعة حمص عصام تيزيني أن العرف العام العالمي هو أن “الاقتصاد يصال بالشلل عندما يتحرك السلاح، وفي سوريا فإن الاقتصاد مصاب بأمراض كثيرة ومزمنة، وسيصاب بالشلل مع كارثة خروج حلب من الخدمة باعتبارها أهم لاعب اقتصادي في البلد، وهو ما قد يؤدي لانهيارات اقتصادية لاحقاً.
تيزيني أوضح بتصريحه لشبكة “داما بوست” أن الأسواق بدأت تشهد ارتفاع بأسعار بعض السلع، مع زيادة الطلب على السلع الغذائية الأساسية مثل السكر والرز، بالتوازي مع تحرك في سعر الصرف، وكل ما يحدث هو أمر طبيعي في حالات الحروب.
تنشيط الفريق الاقتصادي
وفيما يتعلق بالحلول الممكنة اعتبر الباحث والخبير الاقتصادي عصام تيزيني أنه من المبكر أن نحكم على وجهة الوضع الاقتصادي، حيث أن الآمال كبيرة بعودة حلب آمنة في أقرب وقت ممكن.
ولكن يترتب على الحكومة تنشيط الفريق الاقتصادي والتعامل بمرونة وفق الواقع الراهن، وتسريع الإجراءات لكل ما كان يعيق التحرك والتقدم، مع ضرورة الانفتاح على جميع الأطراف والآراء، حيث أن جزء كبير من موارد اقتصاد سوريا أصبح خارج الخدمة، كون حلب تعادل نصف الاقتصاد السوري من ناحية الإنتاج والموارد إن كان في مدينة الشيخ نجار الصناعية أو غيرها من الأسواق.
وعليه رأى تيزيني أن المرحلة تحتاج إلى الإسراع بتغيير القوانين وتسهيل التجارة والاستيراد وتأمين متطلبات الإنتاج وهي مرحلة تحتاج لهمة عالية وعمل كبير من جميع الوسط الاقتصادي والفعاليات بقطاع الأعمال التجاري والصناعي.
أدوات جديدة للسياسة النقدية
وبالعودة للخبير الاقتصادي عامر شهدا فقد اعتبر بأن الثقل الأكبر من المسؤوليات يقع على عاتق مصرف سورية المركزي، باعتبار خروج كتلة نقدية كبيرة خارج السيطرة من ضمن مسؤولياته، وهي كتلة مالية كبيرة لا يستهان بها.
وأوضح شهدا بأنه يفترض من مصرف سورية المركزي أن يحصر الكتلة النقدية الموجودة بأسواق حلب بما يساعد على إدارة النقد، وأن يسعى لاسترجاع هذه الكتلة أو لضبط مساراتها، حيث أن هذا الأمر يشكل تهديداً لليرة السورية، في حال عرضها بأسعار قليلة جداً في أسواق خارجية، بما ينعكس سلباً على القوة الشرائية لليرة السورية.
ولذلك يجب على السياسة النقدية أن تعمل بأدوات جديدة لمعالجة هذه المشكلة، حيث أن الإنتاج سيتراجع، ما يرفع الحاجة لمواد استهلاكية كانت تنتج محلياً في حلب، ولذلك سيرتفع الطلب على الدولار لتعويض النقص في الإنتاج المحلي.
شهدا شدد على ضرورة العمل بمستوى عالي من المهنية والخبرة لإدارة الوضع الاقتصادي، في ظل تراجع موارد الدولة وضعف التمكن المالي، مع المخاوف من ارتفاع الأسعار بشكل كبير، والتي بدأت بالارتفاع بنسب تتراوح ما بين 25% إلى 30% بعد خروج حلب من الخارطة الاقتصادية، وبالتالي يجب العمل بتسارع مدروس من قبل الجهات الحكومية المعنية لإيجاد الحلول، ومنها إيقاف العمل بالمنصة.
وأشار إلى أنه يمكن للمصرف المركزي أن يصدر قراراً يسمح به للمستوردين بتمويل مستورداتهم من أي مصدر، وايقاف إلزامهم بالمنصة، التي لن تستطيع تلبية ارتفاع الطلب على الدولار بسبب تراجع التصدير الناتج عن خروج مصانع حلب من السوق الاقتصادي السوري.
بالإضافة لسد النقص الذي سيحصل بالمنتجات التي كانت تنتجها تلك المصانع مما سيرفع الحاجة لكتلة نقدية من القطع الأجنبي لتغطية استيراد تلك المنتجات.
وأوضح بأن هكذا إجراء يجب أن توضع له ضوابط، بما يؤدي إلى تخفيف الضغط على الأسعار وعلى القوة الشرائية لليرة السورية، وهو سيوفر الاحتياجات بأقصر مدة ممكنة.
اقرأ أيضا: ما هي النتائج المتوقعة بعد توقف الحركة الاقتصادية في حلب؟
تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر