لوبيات أمريكية تُبطئ خطوات رفع “قيصر” عن سوريا

بينما يتطلع السوريون إلى إنهاء العقوبات الأمريكية المفروضة بموجب قانون “قيصر” بعد سقوط نظام بشار الأسد، ما يزال مسار الإلغاء يواجه تعقيدات سياسية متزايدة، رغم مرور مشروع القرار في مجلس الشيوخ الأمريكي بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

القانون ينتظر حاليًا تصويت مجلس النواب، ليُرفع بعدها إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمصادقة النهائية، غير أن المشهد السياسي في واشنطن يشهد ما يشبه “حرب لوبيات” بين تيارات تضغط لإلغاء القانون وأخرى تسعى للإبقاء عليه.

انقسام داخل واشنطن: دعم رسمي مقابل ضغوط مضادة

مصادر في الكونجرس، نقلًا عن موقع “المونيتور”، أكدت أن البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والخزانة أبلغوا المشرعين بأن الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية هو دعم الإلغاء الكامل لقانون “قيصر”.

في المقابل، تتحرك جماعات ضغط ومنظمات أمريكية مقربة من إسرائيل، إضافة إلى شخصيات معارضة للنظام السوري، للإبقاء على العقوبات. هذه الجهات ترى أن سوريا، رغم التغيير السياسي، لا تزال تمثل تهديدًا محتملًا لإسرائيل وبعض الأقليات كالعلويين والدروز.

كما كشفت مصادر مطلعة أن مسؤولين إسرائيليين، من بينهم رون ديرمر، مستشار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تواصلوا مع أعضاء في الكونجرس لحثّهم على رفض التصويت لصالح الإلغاء.

على الجانب الآخر، تضغط منظمات سورية-أمريكية مثل “المجلس السوري-الأمريكي” لدعم رفع القانون وفتح المجال أمام الاستثمارات الدولية وإعادة الإعمار.

ترامب بين ضغوط متعددة وقرار نهائي

ورغم إدراج بند إلغاء “قيصر” ضمن قانون تفويض الدفاع (NDAA) في مجلس الشيوخ، إلا أن الملف يواجه ما يصفه مراقبون بـ“مثلث الضغوط”:

  • لوبيات مؤيدة لإسرائيل،

  • أعضاء نافذون في الكونجرس،

  • ومنظمات تمثل أقليات سورية في الخارج.

في المقابل، توضح مصادر أن إدارة ترامب تميل إلى إنهاء تطبيق القانون، ويُنظر إلى الرئيس باعتباره صاحب القرار النهائي في هذه المرحلة.

يلعب المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، دورًا بارزًا في هذا الملف، إذ سهّل اجتماعات بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ومسؤولين في وزارة الخزانة والكونجرس، من بينهم السيناتور ليندسي غراهام.

شروط مطروحة وتنازلات قيد النقاش

غراهام قدّم تعديلًا سابقًا يشترط رفع العقوبات بالتزام الحكومة السورية الانتقالية بعدة نقاط، أهمها:

  • الانضمام للتحالف الدولي ضد “داعش”،

  • حماية حقوق الأقليات الدينية والإثنية،

  • الحفاظ على علاقات سلمية مع دول الجوار، بما فيها إسرائيل،

  • إخراج المقاتلين الأجانب، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات منذ كانون الأول 2024.

وبحسب عضو “المجلس السوري-الأمريكي” محمد علاء غانم، فإن هذه الشروط لم تعد ملزمة بعد تمرير الإلغاء في الشيوخ، لكنها تشكّل “بوصلة سياسية” يمكن أن يُعاد عبرها فرض العقوبات تلقائيًا في حال الإخلال بها لأكثر من 12 شهرًا.

تحالفات متنافسة: المعركة ليست قانونية فقط

يدعم إلغاء “قيصر” كل من إدارة ترامب ووزارة الخزانة، إضافة إلى بعض الشخصيات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومنظمات سورية-أمريكية ناشطة.

في المقابل، تقود التيارات الرافضة لوبيات مؤيدة لإسرائيل مثل “آيباك” و“مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، بالإضافة إلى أعضاء في الكونجرس أبرزهم ليندسي غراهام وكريس فان هولن.

ورغم ظهور منظمات سورية جديدة مثل “رابطة العلويين في الولايات المتحدة”، إلا أن غالبية التحليلات تشير إلى أن تأثيرها ما يزال محدودًا مقارنة باللوبي الإسرائيلي.

الخطوة المقبلة: بين الإقرار والشروط

الملف الآن على طاولة “اللجنة المشتركة” بين مجلسي النواب والشيوخ لحسم إدراج بند الإلغاء في الصيغة النهائية لقانون الدفاع الأمريكي. ومن المتوقع أن يتم البت فيه قبل نهاية العام الجاري، رغم بعض التأجيلات المرتبطة بالإغلاق الحكومي في واشنطن.

ومع أن كثيرين داخل الأوساط الدبلوماسية يرون أن رفع العقوبات بات مسألة وقت، إلا أن السؤال المطروح لم يعد: “هل سترفع العقوبات؟” بل “كيف؟ وتحت أي شروط وضمانات قانونية وسياسية؟”

اقرأ أيضاً:المبعوث الأميركي: إلغاء قيصر ضرورة لنهضة سوريا الجديدة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.