انتهاكات إسرائيلية تؤثر على السياحة والزراعة في القنيطرة
أغلقت محافظة القنيطرة موسمها السياحي لهذا العام بخسائر كبيرة، طالت بشكل مباشر المزارعين الذين كانوا يعتمدون على النشاط السياحي الداخلي كمصدر دخل إضافي خلال فصل الصيف. وأوضح الأهالي أن الإقبال على القرى السياحية والمزارع المفتوحة للزوار انخفض بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، بعد أن كانت المنطقة تستقطب آلاف العائلات من ريف دمشق الغربي والمناطق المجاورة للاستمتاع بالمساحات الخضراء والينابيع والمظلات الطبيعية.
غياب الزوار وتحول الموسم إلى خاسر
مناطق مثل جباتا الخشب، بريقة، بئر عجم، وربيع الفوار شهدت عادة حركة سياحية نشطة، لكن هذا العام تراجعت أعداد الزوار بشكل ملحوظ نتيجة المخاوف الأمنية المرتبطة بتصاعد التوغلات والانتهاكات الإسرائيلية في عمق المحافظة. وأدى هذا التراجع إلى عزوف شبه كامل عن زيارة المنطقة لأغراض التنزه أو السياحة الريفية، بحسب تصريحات السكان المحليين.
الأثر الاقتصادي على المزارعين
يعتمد المزارعون في القنيطرة على السياحة الداخلية لتعويض تكاليف الإنتاج الزراعي، من خلال تأجير الأراضي للزوار مقابل مبالغ رمزية يومية. أبو أسعد، مزارع من بلدة خانة أرنبة، وصف الموسم الحالي بأنه “الأسوأ”، قائلاً: “الناس كانوا يستأجرون الأراضي للتنزه ويتركون مردوداً يعادل مردود الموسم الزراعي، لكن هذا الصيف خسرنا السياحة والزراعة معاً بسبب الانتهاكات الإسرائيلية.”
في المقابل، خالد العبد من بلدة نبع الفوار وصف الوضع بأنه “موسم مأساة المزارعين”، مشيراً إلى أن الموسم تحوّل إلى “خسارة مزدوجة” نتيجة التضييق الإسرائيلي وحرمان المحافظة من الموارد الأساسية مثل الماء. وأضاف أن قرية نبع الفوار، التي كانت الوجهة الأكثر زيارة خلال المواسم السابقة، شهدت انخفاضاً كبيراً في الحركة السياحية هذا العام.
توقف النشاط التجاري المحلي
القنيطرة، التي تُعد من المحافظات الأقل سكاناً والأضعف اقتصادياً في سوريا، تعتمد بشكل كبير على الزراعة الموسمية وتربية المواشي، بينما شكّلت السياحة الداخلية في السنوات الأخيرة مصدر دخل إضافي مهم لسكان المحافظة.
أبو سمير، أحد وجهاء بلدة جباتا الخشب، أوضح أن الخسائر لم تطل المزارعين فقط، بل امتدت إلى جميع العاملين في الخدمات المرتبطة بالسياحة الريفية، من شباب يشتغلون بتنظيف الأراضي، إلى نساء يبعن منتجات عشبية مثل الميرمية والزعتر، فضلاً عن محلات صغيرة تبيع الفحم والمياه. وأضاف: “هذا الموسم، كل النشاط التجاري توقف تقريباً.”
الاعتماد على الأرض والتمسك بها
رغم الخسائر، يؤكد معظم المزارعين تمسّكهم بالبقاء في أراضيهم التي يعتبرونها جزءاً من هويتهم. وأشار بعض الأهالي إلى أن بعض الأراضي قرب الشريط الحدودي تعرضت لمصادرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بحجة قربها من قواعد عسكرية، ما زاد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على السكان.
ويقدّر الأهالي أن نسبة الخسائر تجاوزت 80% مقارنة بالمواسم السابقة، مشددين على ضرورة التوصل إلى اتفاق يضمن وقف الانتهاكات الإسرائيلية وحقهم في استثمار أراضيهم الزراعية والسياحية بأمان. ويأمل السكان في أن يتيح الموسم المقبل تعويض جزء من الخسائر الحالية، مع الحفاظ على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية في المحافظة.
اقرأ أيضاً:الاعتقالات الإسرائيلية جنوب سوريا: قانون المقاتل غير الشرعي يمتد إلى السوريين