انتقادات حقوقية لتقرير “الداخلية الانتقالية” حول اختطاف النساء

أثارت نتائج تقرير لجنة التحقيق التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة السورية الانتقالية، بشأن حوادث اختطاف النساء في الساحل السوري، موجة واسعة من الانتقادات من قبل منظمات مدنية وحقوقية، اعتبرت أن التقرير يمثل “رسالة مشجعة للمجرمين” ويعكس “تقصيراً حكومياً في حماية النساء”.

وقالت المنظمات، في بيان مشترك وقّعته حملات ومنظمات سورية بارزة منها “وينن”، “اللوبي النسوي السوري”، “أوقفوا خطف النساء السوريات”، و”النساء الآن للتنمية”، إن التقرير الحكومي “لم ينكر فقط معاناة النساء وذويهن، بل حوّل الضحايا إلى متهمات”، ما يعكس – بحسب البيان – “عدم جدية الحكومة في التعامل مع أمن النساء وملف العدالة الانتقالية”.

“تقرير مهين وصادم” وتجاهل للحقائق الحقوقية والدولية

وصف البيان التقرير الصادر عن اللجنة بـ“المهين والصادم”، متهماً إياه بالطعن بأخلاق النساء وتهميش كرامتهن، وتجاهل التقارير الحقوقية الدولية التي وثّقت حوادث خطف ممنهج بحق نساء من أقليات دينية، لا سيما من الطائفتين العلوية والدرزية.

وأشار البيان إلى رسائل رسمية بعث بها مقرّرون خاصون بالأمم المتحدة إلى الحكومة الانتقالية في تموز وآب 2025، طالبوا فيها باتخاذ إجراءات لحماية المختطفات ومحاسبة المتورطين.

كما استشهد البيان بما ورد في تقرير “منظمة العفو الدولية” الصادر في تموز/يوليو 2025، والذي وثّق 36 حالة خطف لفتيات ونساء تتراوح أعمارهن بين 3 و40 عاماً، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، من بينهن خمس سيدات وثلاث فتيات من الطائفة العلوية.

توثيقات إضافية: ترهيب للأهالي وتقصير حكومي

أضاف البيان أن “اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق بشأن سوريا” وثّقت في تقرير آب/أغسطس 2025، خطف ست نساء من الطائفة العلوية على يد جهات مجهولة، وسط تقارير عن عشرات الحالات الأخرى لم تُكشف بعد، إلى جانب استخدام بعض الفصائل المسلحة خطاباً طائفياً ضد المختطفات.

كما أشار إلى تعرض بعض عائلات الضحايا للتهديد والضرب أثناء مطالبتهم بالمحاسبة، وإجبارهم على الإدلاء بتصريحات عامة.

وانتقدت المنظمات تشكيل لجنة التحقيق الحكومية، معتبرة أنها “تفتقر للاستقلالية والخبرة”، وتضم موظفين حكوميين فقط، من دون إشراك متخصصين في جرائم العنف الجنسي أو خبراء حقوقيين، كما لم تُعلن الوزارة عن منهجية التحقيق أو آليات التواصل مع الضحايا.

وأكد البيان أن “الكشف عن الحقيقة حق أساسي للضحايا وعائلاتهم، والحكومة الانتقالية تتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك”.

رد الحكومة: 41 حالة ليست خطفاً

في المقابل، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، خلال مؤتمر صحفي عقد أمس الأحد، أن لجنة التحقيق الحكومية تعاملت مع 42 حالة أُبلغ عنها خلال الأشهر الماضية في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة.

وأوضح أن نتائج التحقيق أظهرت أن 41 حالة لا تُعد اختطافاً، بل توزعت بين 12 حالة “هروب طوعي مع شريك”، و9 حالات تغيّب مؤقت، و6 حالات هروب من العنف الأسري، و6 حالات بلاغات كاذبة عبر وسائل التواصل، و4 حالات متعلقة بالابتزاز أو الدعارة، و4 قضايا جنائية عادية، فيما رُصدت حالة اختطاف واحدة فقط تمت معالجتها وإعادة الفتاة لأهلها.

لكن هذه الرواية الرسمية قوبلت بتشكيك واسع، إذ اعتبرت منظمات حقوقية أنها محاولة لتقليل حجم الظاهرة، والتغطية على فشل الأجهزة الأمنية في حماية النساء.

تناقضات مع تقارير دولية وشهادات ميدانية

تتعارض رواية الحكومة الانتقالية مع ما وثّقته وسائل إعلام ومنظمات دولية، ومنها تقرير لوكالة “رويترز” في حزيران/يونيو الماضي، كشف عن تسجيل ما لا يقل عن 33 حالة خطف أو اختفاء قسري لنساء وفتيات علويات تتراوح أعمارهن بين 16 و39 عاماً، خصوصاً في مناطق الساحل السوري، منذ سقوط النظام السابق نهاية العام الماضي.

كما وثّق خبراء أمميون في آب/أغسطس 2025، انتهاكات تشمل القتل والخطف والعنف الجنسي ضد النساء، ارتكبتها مجموعات مسلحة موالية للحكومة الانتقالية، بما في ذلك خطف ما لا يقل عن 105 نساء وفتيات من الطائفة الدرزية، لا يزال مصير 80 منهن مجهولاً.

دعوات لتحقيق دولي ومحاسبة المسؤولين

المنظمات الموقعة على البيان حمّلت الحكومة الانتقالية المسؤولية القانونية عن سلامة المختطفات والناجيات، مطالبة بتحقيق دولي مستقل وعاجل، ومحاسبة المتورطين، ووقف حملات التحريض الإعلامي ضد المنظمات الحقوقية.

واختتمت بقولها: “نصدّق الناجيات ونقف معهن، ونرفض أي محاولات لتزييف الحقائق أو تسييس قضايا النساء”.

اقرأ أيضاً:لجنة التحقيق الدولية في سوريا: انتهاكات مروعة في السويداء

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.