الاعتقالات الإسرائيلية جنوب سوريا: “قانون المقاتل غير الشرعي” يمتد إلى السوريين
يشهد جنوب سوريا تصعيداً إسرائيلياً متسارعاً، يتمثل في مراقبة جوية وتوغلات ميدانية وإقامة نقاط تفتيش على الطرق الحيوية في محافظتي القنيطرة ودرعا، وسط تقارير عن اعتقالات تعسفية طالت عشرات المدنيين، بينهم قاصرون. ووفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية، تجاوز عدد المعتقلين السوريين خلال الشهرين الماضيين 46 شخصاً، في وقتٍ تُطبّق فيه إسرائيل على هؤلاء ما يُعرف بـ«قانون المقاتل غير الشرعي» المستخدم ضد الفلسطينيين منذ عام 2002.
من بين هؤلاء الشابان محمد ومحمود مريود (18 عاماً) اللذان اعتُقلا في بلدة أوفانيا في 17 أيلول، بعد تهديد الاحتلال باعتقال جدهما في حال عدم تسليم نفسيهما، ولم يُفرج عنهما حتى اليوم.
تستخدم إسرائيل ضد هؤلاء ما يُعرف بـ “قانون المقاتل غير الشرعي”، وهو إطار قانوني أُقرّ عام 2002 وعدّل لاحقاً ليُستخدم كغطاء لاعتقال المدنيين من دون لوائح اتهام أو محاكمة، بذريعة وجود “ملف سري” يمنع المنظمات الدولية من الاطّلاع عليه.
ويشير الحقوقي الفلسطيني خالد محاجنة، المتخصص في الدفاع عن الأسرى، إلى أن “عشرات المعتقلين من سوريا ولبنان محتجزون تحت هذا القانون، في ظروف غير إنسانية، وبعضهم يُعزلون في أقسام سرية تحت الأرض داخل سجن الرملة، تُعرف بأسماء مثل «راكيفت» أو «إيلون»”.
عائلات المعتقلين، التي التقت بها جريدة “الأخبار”، تعيش حالة من الانتظار المؤلم في ظل غياب أي تحرّك رسمي فعّال. يقول شقيق أحد المعتقلين: «أُطلق النار على أخي وابن عمي قرب خط وقف إطلاق النار أثناء عودتهما من زيارة جدتنا، ثم اعتُقلا وهما مصابان. الصليب الأحمر أبلغنا لاحقاً أنهما نُقلا إلى مستشفى نهاريا في الجليل، ومنذ شهر يخضعان للتحقيق من دون أي تفاصيل إضافية».
ويروي والد المعتقل (و. ب.) من بلدة طرنجة أنه فقد الاتصال بابنه منذ اعتقاله في 13 حزيران من أحد الحواجز الإسرائيلية، رغم محاولات التواصل عبر وسطاء وضباط ارتباط، ويضيف بأسى: «نريد فقط سماع أصوات أبنائنا… هذا حقنا».
وتتقاطع هذه الشهادات مع روايات أخرى لعائلات اقتحمت قوات الاحتلال منازلها فجراً واعتقلت أبناءها، بتهم تتعلق بالتعاون مع فصائل كـ«حماس» و«حزب الله»، رغم عدم وجود أدلة أو نشاطات سياسية لهم.
يقول أحد ذوي المعتقلين: «بعد سقوط النظام، لم يعد هناك وجود فعلي لإيران أو حزب الله في الجنوب، لكن إسرائيل تتمسك بهذه الذريعة لتبرير سياساتها وخلق حالة خوف دائمة».
في النهاية، تبدو سياسة الاعتقالات الإسرائيلية في الجنوب السوري امتداداً لنهجها في الأراضي الفلسطينية، حيث يُستخدم القانون الاستثنائي ذاته لتكميم الأصوات وإحكام السيطرة على مناطق تعتبرها حساسة أمنياً، فيما تبقى عائلات المعتقلين غارقة في صمتٍ رسمي ومعاناةٍ طويلة بلا أفق.
اقرأ أيضاً:تصعيد إسرائيلي غير مسبوق: 40 عملية توغل واعتقالات ضمن مشروع صوفا 53
اقرأ أيضاً:داما بوست تنشر قائمة بأسماء معتقلين سوريين لدى الاحتلال الإسرائيلي جنوب سوريا