تحسن تدريجي في كهرباء حلب.. خطة رسمية لإعادة الاستقرار وسط تشكك شعبي

تشهد مدينة حلب خلال الأيام الأخيرة تحسنًا تدريجيًا في واقع الكهرباء، إذ وصلت ساعات التغذية في بعض الأحياء إلى ثماني أو عشر ساعات يوميًا، بعد أسابيع من التقنين القاسي الذي لم يتجاوز أربع ساعات في اليوم، ما أعاد الأمل بعودة تدريجية للاستقرار في القطاع الحيوي الذي يعاني منذ سنوات الحرب.

خطة رسمية لتثبيت التيار

محافظ حلب عزام غريب أوضح في بيان له أن التحسن في الكهرباء ليس نتيجة ظرف مؤقت، بل يأتي ضمن خطة حكومية لإعادة الاستقرار تدريجيًا، مشيرًا إلى أن عدداً من محطات التوليد لم تتمكن خلال الفترة الماضية من الاستفادة الكاملة من الغاز الأذربيجاني بسبب أضرار في شبكة الأنابيب الداخلية.

وأضاف أن عمليات الإصلاح التي تشرف عليها وزارة الطاقة قطعت “شوطًا متقدمًا”، الأمر الذي أتاح زيادة كميات الغاز الموردة إلى محطات التوليد، ما انعكس مباشرة على ساعات التشغيل. وتوقع المحافظ أن تصل التغذية قريبًا إلى ست ساعات مقابل 18 ساعة تقنين كمرحلة أولى، مع العمل على توزيع عادل ومنتظم للطاقة بين الأحياء وإصدار جداول تقنين واضحة.

وأشار غريب إلى أن الجهود مستمرة لتأهيل محطات التحويل وخطوط التوتر، ومن بينها محطة النيرب التي باتت تعمل باستطاعة 30 ميغا واط وتغذي أحياء في شرق المدينة كانت محرومة من الكهرباء منذ سنوات.

كما لفت إلى أن تحسن الكهرباء ترافق مع عودة تدريجية للأهالي ونشاط متزايد في القطاع الصناعي، إلى جانب إصلاح الإنارة الطرقية في عدد من الشوارع، ما رفع الطلب على الطاقة وزاد الضغط على الشبكة العامة.

تشكك شعبي في الاستقرار

ورغم التحسن الملحوظ، ما تزال حالة الحذر تخيّم على الشارع الحلبي، إذ يخشى كثير من السكان أن يكون ما يحدث تحسنًا مؤقتًا سرعان ما يتراجع كما حدث في مرات سابقة.

في حي الخالدية، يقول مصطفى الموسى إن الأهالي يتعاملون مع الوضع الجديد بقدر من الريبة، مستذكرًا فترات سابقة شهدت تحسنًا مؤقتًا لم يدم سوى أيام قبل أن تتراجع التغذية مجددًا. ويضيف أن الوعود المتكررة من المسؤولين جعلت الناس أقل ثقة بأي إعلان عن تحسن دائم.

أما في حي صلاح الدين، فتشير نور مصري إلى أن المشكلة لا تقتصر على عدد الساعات، بل في توقيت الوصل، موضحة أن الكهرباء تأتي في ساعات متأخرة من الليل، ما يقلل من استفادة السكان منها. وتقول إن “الناس باتوا يضبطون تفاصيل حياتهم اليومية على جدول تقنين غير معلن، يجعل أبسط الأعمال المنزلية مرهونة بمفاجآت التيار”.

وفي حي الكلاسة، يرى باسل أدنى، صاحب ورشة خياطة، أن التحسن القصير في التيار لا يغير من واقع أصحاب المهن، لأن الاستقرار الكهربائي هو الأساس في أي نشاط اقتصادي. ويضيف أن كثيراً من الورش اضطرت لتقليص ساعات عملها أو الاعتماد على مولدات مكلفة، ما يجعل أي زيادة مؤقتة في التغذية “غير كافية لتخفيف الأعباء”.

وعود متكررة وخطط مؤجلة

ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها حلب تحسنًا مؤقتًا في الكهرباء يتبعه تراجع، إذ سبق للمحافظ أن أعلن في منتصف آب الماضي عن مشروع لتغذية الكهرباء بالغاز الأذربيجاني. وأوضح حينها أن المشروع واجه تسريبات وأعطالًا في شبكة الأنابيب نتيجة التخريب الذي طال البنية التحتية خلال الحرب، ما أدى إلى تأخير تنفيذ الخطة كاملة.

وأشار غريب آنذاك إلى أن المرحلة الأولى من المشروع كانت ستؤدي إلى زيادة ساعتين من التغذية خلال أسبوع، على أن تعقبها مرحلة ثانية ترفع ساعات الوصل بمعدل خمس ساعات إضافية بعد استقرار ضخ الغاز.

وربط المحافظ أيضًا نقص الكهرباء في الصيف بارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك، إلى جانب اهتراء الشبكة العامة وازدياد الضغط الناتج عن عودة النشاط الصناعي.

بين الوعود والتجارب السابقة

تأتي التصريحات الأخيرة للمحافظ في السياق ذاته، مؤكدة أن التحسن الراهن ناتج عن تقدم أعمال الإصلاح في شبكة الغاز، وأنه يمثل مرحلة ضمن خطة تدريجية لتحقيق استقرار أكبر في التغذية الكهربائية بعد أشهر من الانقطاعات المتكررة.

لكن بالنسبة لكثير من الحلبيين، لا تزال التجارب السابقة كفيلة بإبقاء التفاؤل محدودًا، في انتظار أن يثبت هذا التحسن استمراريته وأن تتحول الوعود إلى استقرار فعلي ومستدام يعيد الثقة بالمنظومة الخدمية في المدينة.

اقرأ أيضاً:قلق في السويداء: قطاف التفاح يواجه خطر التلف بسبب أزمة الكهرباء والوقود

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.