لماذا ترفض الدول استعادة رعاياها من مخيمات وسجون شمال شرقي سوريا؟
رغم التحذيرات المتكررة والدعوات المستمرة من الولايات المتحدة، ما زالت معظم الدول تتجنب استعادة رعاياها المحتجزين في المخيمات والسجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرقي سوريا، حيث يعيش آلاف الرجال والنساء والأطفال في ظروف إنسانية وأمنية بالغة القسوة.
وفي محاولة لكسر هذا الجمود، جدد قائد القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم)، الجنرال براد كوبر، دعوته للدول إلى تحمّل مسؤولياتها، مطالباً خلال مؤتمر في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بتسريع عمليات الإعادة، وكشف عن خطة لإنشاء “خلية إعادة مشتركة” لتنسيق الجهود على الأرض.
هذا التردد الدولي يثير تساؤلات عميقة حول الدوافع وراء الرفض أو التباطؤ، وما إذا كانت المخاوف الأمنية وحدها تفسر هذا الموقف، أم أن هناك اعتبارات سياسية وقانونية وإنسانية تعقّد القرار.
أرقام متباينة وصورة قاتمة
رغم انحسار تنظيم داعش ميدانياً، لا تزال المخيمات والسجون التي تضم عناصر التنظيم وعائلاتهم تمثل تحدياً أمنياً وإنسانياً خطيراً في مناطق سيطرة قسد. وتشير التقارير إلى أن هذه المواقع تحولت إلى بؤر فكرية للتنظيم، في ظل بطء عمليات إعادة التوطين وازدياد حوادث التوتر والانفلات الأمني، خصوصاً في مخيم الهول، المعروف بأنه “أخطر مخيم في العالم”.
ويضم الهول أكثر من 50 ألف شخص، بينهم نحو 30 ألف طفل وامرأة من جنسيات سورية وعراقية وأجنبية تشمل دولاً أوروبية وآسيوية وشمال أفريقية. ورغم الإجراءات الأمنية، تُهرَّب الأسلحة إلى داخل المخيم، وتواصل الخلايا النشطة تنفيذ عمليات تحريض واغتيال.
أما مخيم روج فيُعد أكثر تنظيماً، ويضم عدداً أقل من المتشددين، وغالباً ما تقيم فيه نساء أوروبيات وفقاً لتقارير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب.
وبحسب بيانات المركز، بلغ عدد الأجانب في المخيمين حتى مارس/آذار 2025 نحو 23 ألف شخص، أكثر من 60% منهم أطفال، معظمهم دون الثانية عشرة. ورغم تراجع العدد مقارنة بذروته عام 2019، تبقى وتيرة استعادة الدول لرعاياها بطيئة باستثناء العراق الذي استقبل النسبة الأكبر من رعاياه.
في المقابل، ذهب المركز العربي لدراسات التطرف أبعد من ذلك، إذ أوضح في دراسة سابقة أن ترك المحتجزين في مخيمي الهول وروج يشكل خطرا مضاعفا، حيث ينشأ الأطفال “في ظروف وحشية ويخضعون لتلقين مكثف لأفكار التنظيم، ليصبحوا الجيل التالي من المقاتلين والانتحاريين، وربما يعودون إلى بلدانهم لتنفيذ هجمات ضد المجتمعات التي تخلت عنهم”.
أما بالنسبة لعناصر التنظيم المحتجزين في السجون، فتقدّر قوات قسد عددهم بين 9 و11 ألف مقاتل موزعين على 12 سجناً، أبرزها في الحسكة والمالكية والشدادي، بينما تشير صحيفة بوليتيكو الأميركية إلى وجود نحو 10 آلاف معتقل في 26 سجناً.
في المقابل، تشكك تقارير ميدانية في دقة هذه الأرقام، متهمة قسد بالمبالغة فيها لأغراض سياسية، أبرزها الضغط للحصول على دعم دولي واستمرار التنسيق الأمني مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
اقرأ أيضاً:أكثر من مليون نازح سوري ما زالوا في مخيمات إدلب رغم عودة الآلاف إلى قراهم
اقرا أيضاً:الإدارة الذاتية ترحب بتشكيل خلية مشتركة لإعادة ذوي تنظيم داعش من مخيم الهول