تراجع إنتاج العسل في ريف حماة.. مهنة النحالين بين الجفاف وغياب الدعم
تواجه تربية النحل في ريف حماة تحديات متزايدة تهدد استمراريتها كمصدر رزق رئيسي لعشرات العائلات الريفية، في ظل موجات الجفاف المتكررة وغياب الدعم الحكومي والتمويل اللازم. ويشير مربو النحل إلى أن الإنتاج هذا العام كان من الأضعف منذ سنوات، ما يثير مخاوف من خسارة قطاع حيوي يسهم في الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.
خسائر واسعة وتراجع في الإنتاج
يقول عدد من النحالين لصحيفة الحرية إن الظروف المناخية الصعبة وارتفاع تكاليف التشغيل أثّرا بشكل مباشر على إنتاج العسل في المنطقة، مطالبين بتوفير تعويضات مالية أو قروض ميسّرة دون فوائد، وتأمين الخلايا ضد الأمراض والكوارث الطبيعية.
كما شددوا على ضرورة تقديم التدريب المجاني للمربين، وفتح أسواق جديدة داخلية وخارجية لتسويق العسل السوري، إلى جانب حماية المناحل من استخدام المبيدات الزراعية وتشجيع زراعة النباتات الرحيقية التي يعتمد عليها النحل في إنتاج العسل.
ويرى مربون أن خسائرهم لم تقتصر على ضعف الإنتاج، بل شملت نفوق أعداد كبيرة من خلايا النحل بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، معتبرين أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى “خسارة وطنية” تمس الأمن الغذائي بشكل مباشر في حال لم تُتخذ إجراءات عاجلة لدعم القطاع.
75% تراجع في إنتاج العسل
الخبير الزراعي المهندس عبد الرحمن قرنفلة أوضح أن قطاع النحل يعدّ أحد أهم أركان النظام البيئي والزراعي، إذ يساهم في تلقيح نحو 80% من النباتات التي يعتمد عليها الإنسان والحيوان، محذّراً من الآثار المدمّرة للتغير المناخي والجفاف واستخدام المبيدات العشوائية على مستقبل هذه المهنة.
وبيّن قرنفلة أن إنتاج العسل في سوريا تراجع بنسبة تقارب 75% خلال العام الجاري، وهي نسبة وصفها بـ”الخطيرة”، مشيراً إلى أن دولاً عربية أخرى مثل المغرب ولبنان وتونس والعراق شهدت تراجعاً مماثلاً نتيجة الظروف المناخية القاسية.
حلول مطلوبة لإنقاذ المهنة
ويرى قرنفلة أن إنقاذ قطاع النحل في سوريا يتطلب تفعيل دور مراكز الأبحاث العلمية وتطوير سلالات محلية قادرة على التكيّف مع التغيرات البيئية، إلى جانب ضبط استيراد المبيدات الزراعية وتشجيع المرأة الريفية على دخول مجال تربية النحل كجزء من التنمية الريفية المستدامة.
كما دعا إلى التوسع في زراعة الأشجار والنباتات الرحيقية الضرورية لبقاء النحل، مشدداً على أن دعم هذا القطاع لا يقتصر على البعد الاقتصادي، بل يمتد ليشمل حماية التوازن البيئي والتنوع الحيوي في البلاد.
أرقام مقلقة
وبحسب تقديرات الخبير الزراعي، فإن إنتاج العسل في سوريا انخفض إلى ما بين 1000 و1500 طن سنوياً خلال عام 2025، مقارنة بـ 3500 إلى 4000 طن قبل عام 2011، وهو تراجع يعكس حجم الأزمة التي يعيشها مربو النحل في ظل غياب برامج الدعم الحكومية وانعدام الحلول المستدامة.
ويؤكد النحالون أن استمرار التدهور في هذا القطاع من دون تدخل فعّال سيؤدي إلى انقراض جزئي لمهنة تاريخية لطالما شكّلت جزءاً من هوية الريف السوري، ومصدراً رئيسياً للدخل والغذاء الطبيعي.
اقرأ أيضاً:تراجع إنتاج الزيتون في حماة بنسبة 40% بسبب الجفاف وارتفاع الحرارة