مؤتمر “سكريبت” للمؤثرين في حلب يثير جدلاً بين الترحيب وانتقادات
شهدت مدينة حلب مطلع سبتمبر/أيلول انطلاق مؤتمر “سكريبت” لصنّاع المحتوى والمؤثرين، الذي نظمته وزارة الإعلام السورية بالشراكة مع “الغرفة الفتية الدولية”، بمشاركة أكثر من 380 مؤثراً وصانع محتوى من سوريا ودول عربية، تحت شعار “مؤثرون من أجل سورية”.
واستضافت الفعالية، التي أقيمت في مباني شركة الكهرباء القديمة بحي الجميلية، أكثر من 12 ورشة ومحوراً ناقشت قضايا صناعة المحتوى الرقمي، التسويق الإلكتروني، استخدامات الذكاء الاصطناعي، وآليات التأثير عبر المنصات الجديدة. واعتبرتها وزارة الإعلام واحدة من أبرز التظاهرات الإعلامية التي شهدتها حلب منذ سنوات الحرب، مؤكدة أن هدفها إبراز دور الإعلام الرقمي في “بناء الوعي الاجتماعي” وتعزيز مكانة سوريا كمركز إقليمي في مجال الإعلام الجديد.
مدير إدارة المؤثرين في الوزارة، قصي المصري، رأى أن الإعلام الرقمي أصبح أداة أساسية في صناعة الوعي والنسيج الاجتماعي، فيما اعتبر مدير الإعلام في حلب، عبد الكريم ليلة، أن المؤتمر يمثل خطوة لتعزيز موقع سوريا في الإعلام الرقمي الإقليمي.
انتقادات من الصحافيين المحليين
بالتوازي مع الخطاب الرسمي، صدرت مواقف منتقدة من صحافيين محليين في حلب اعتبروا أن المؤتمر “تجاهل الإعلاميين الذين غطوا الحرب والدمار” لصالح مؤثرين جدد.
بيان صادر عن مجموعة من الصحافيين أشار إلى أن إقصاء الكوادر الإعلامية المحلية “يسيء لتاريخ المدينة الإعلامي” ويجعل الفعالية أقرب إلى “منصة شكلية بعيدة عن رسائل الإعلام المهني”.
الصحافي مراد قوتلي كتب عبر وسائل التواصل أن عدداً من المؤثرين قدّموا “صورة سطحية عن المدينة”، متسائلاً عن غياب التغطية لقضايا الفقر ونقص الخدمات والمعاناة اليومية للسكان. وأضاف: “ليس كل مشهور مؤثراً، وليس كل مؤثر صاحب قضية أو مضمون حقيقي”.
الصحافي معتز البدوي، من حلب، قال في تصريح لـ”العربي الجديد” إن المؤتمر “لا يعكس هموم السوريين الحقيقية”، مشيراً إلى التناقض بين نشاط المؤثرين أمام الكاميرات في شوارع حلب وبين معاناة آلاف الأطفال في البحث عن لقمة عيش أو عمل يومي. واعتبر أن تغييب الصحافيين الذين وثّقوا الحرب “يكشف رغبة المنظمين في صناعة رواية مختلفة للمدينة، بعيدة عن واقعها الفعلي”.
وفي السياق نفسه، رأى الصحافي عمر المحمد أن “الافتتاح كان يفترض أن يقوده إعلاميون ميدانيون عاشوا تجربة الحرب ونقلوا تفاصيلها”، معتبراً أن مشاركة بعض المؤثرين الذين يقيمون خارج سوريا ولا يملكون خبرة ميدانية “تجعل الرسائل المقدمة بعيدة عن واقع الناس”. وانتقد المحمد آلية الدعوات التي جرت “وفق وساطات وعلاقات شخصية”، مضيفاً أن الكثير من المشاركين يقدمون محتوى “سطحياً أو مبتذلاً”، متسائلاً عن جدوى مثل هذا الإعلام في مرحلة إعادة الإعمار.
الإنفاق والجدل حول الأولويات
إلى جانب ذلك، طالت انتقادات أخرى حجم الإنفاق على المؤتمر في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية التي تعانيها البلاد. ناشطون اعتبروا أن الأولوية ينبغي أن تذهب لتحسين الأوضاع المعيشية والخدمات، بدلاً من توجيه الموارد إلى فعاليات تهدف، وفق تعبيرهم، إلى “تلميع الصورة الرسمية” عبر وسائل التواصل.
في المقابل، ترى الحكومة أن المؤتمر يمثل خطوة ضرورية لمواكبة التحولات العالمية في الإعلام، وأن المنصات الرقمية باتت أداة أساسية للوصول إلى شرائح واسعة من الشباب.
وبينما تسعى الجهات المنظمة إلى إبراز صورة مدينة حلب كمدينة متعافية قادرة على استضافة فعاليات كبرى، يصرّ صحافيون محليون على أن أي رواية جديدة لسوريا لا يمكن أن تستثني الإعلاميين الذين نقلوا واقع الميدان وعكسوا هموم السكان خلال سنوات الحرب.
اقرأ أيضاً:لمى الأصيل ويمان النجار ..مؤثرون من أجل سوريا جدل يحيط بمؤتمر سكريبت في حلب