سوريا بين السلام والاحتلال: اختبار صعب للمرحلة الانتقالية

يشكل المشهد السوري الراهن اختبارًا معقدًا لقدرة الرئيس الحالي للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، على ترسيخ سلطته، في ظل ضغوط داخلية وخارجية متعددة، من بينها التهديدات الأمنية الإسرائيلية المستمرة والتوازنات الدولية الإقليمية.

وتشير تحليلات متعددة إلى أن “إسرائيل” تسعى لمنع قيام نظام سوري قوي مدعوم دولياً، معتبرةً ذلك تهديدًا لمصالحها، لكنها في الوقت نفسه تحرص على عدم انهيار النظام بشكل كامل، خشية أن يتيح ذلك ظهور جماعات مسلحة أكثر تطرفًا قد تستغل الفراغ الأمني.

ويقول “المحلل العسكري الإسرائيلي عيران لاهاف” لمجلة نيوزويك إن إسرائيل تراهن على بقاء النظام السوري ضعيفًا إلى حد ما، لاعتقادها أن أي ضعف مفرط قد يؤدي إلى حالة فوضى أكبر، فيما أي قوة مفرطة قد تشكل تهديدًا مباشرًا لها.

سياق تاريخي وعسكري

تشهد سوريا والاحتلال الاسرائيلي حالة عداء ممتدة منذ عام 1948، مع سلسلة من الحروب والنزاعات حول الجولان السوري المحتل. ومع اندلاع الحرب السورية عام 2011، عززت “إسرائيل” ضرباتها العسكرية الاستباقية في مناطق مختلفة من سوريا، فيما ظهرت قيادة جديدة بقيادة أحمد الشرع عقب سقوط النظام السابق، لتستلم السلطة في إطار المرحلة الانتقالية.

وتصاعدت التوترات مع اشتباكات محلية بين فصائل درزية وعربية متحالفة مع الحكومة السورية المؤقتة، تلتها ضربات “إسرائيلية” جديدة على مواقع في سوريا، ما يوضح هشاشة الوضع العسكري والسياسي للحكومة الانتقالية في مواجهة الضغط الإسرائيلي المستمر.

التحديات الداخلية

يواجه الشرع ضغوطًا داخلية لإعادة فرض السيطرة وضمان الشرعية، بما في ذلك حماية الأقليات السورية مثل الدروز والعلويين والأكراد، وإدارة الأزمات الأمنية على الأرض. ويرى محللون سوريون أن الشعب السوري يطالب باستعادة السيطرة الكاملة على الجولان المحتل منذ عام 1967، وهو مطلب يتناقض مع المواقف الإسرائيلية الرسمية التي تؤكد على عدم التنازل عن المنطقة.

التوازنات الإقليمية والدولية

يضاف إلى ذلك النفوذ التركي في سوريا، والذي قد يتعارض أحيانًا مع مصالح “إسرائيل” على الأرض، خاصة مع مخاوف تل أبيب من صعود محور سني جديد قد يهدد أمنها. كما تلعب الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في دعم النظام الجديد ضمن إطار المرحلة الانتقالية، بعد صعود الشرع وتصنيفه أميركيًا سابقًا باعتباره إرهابيًا. وقد أبدت إدارة ترامب رغبتها في دعم استقرار النظام السوري ورفع العقوبات عن البلاد، بالتعاون مع دول خليجية مثل السعودية وقطر، سعياً لإنجاح التجربة الانتقالية.

مستقبل النظام السوري

يواجه الشرع معادلة صعبة تجمع بين الضغوط الداخلية، والمطالب الشعبية لاستعادة الجولان، والتهديدات الإسرائيلية المستمرة، والدعم الإقليمي والدولي. ويشير محللون إلى أن الرئيس الانتقالي يسعى للحفاظ على توازن هش بين فرض سيادته على الداخل وتجنب مواجهة عسكرية مباشرة مع “إسرائيل”، مع الاعتماد على الحوار والدبلوماسية لكسب الوقت وتقوية موقفه السياسي.

ويخلص التقرير إلى أن قدرة النظام السوري الجديد على تثبيت سلطته واستقرار البلاد تعتمد على التعامل مع هذه التحديات المتشابكة بعقلانية، في ظل رهانات إسرائيلية على إبقاء النظام محدود القوة، وضغوط دولية تهدف إلى الحفاظ على استقرار نسبي في المنطقة.

اقرأ أيضاً:هل تقترب سوريا من تطبيع العلاقات مع إسرائيل الجولان على الطاولة ولا اتفاق بعد

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.