المرأة السورية: قوة أحدثت التوازن في وجه الأزمات

لم تكن المرأة السورية في يوم من الأيام مجرد طرف ثانوي، بل كانت دائمًا روحًا نابضة في قلب المجتمع. ومع اندلاع الأزمة السورية وما تبعها من تحولات قاسية، وجدت نفسها أمام مسؤوليات مضاعفة فرضتها ظروف الحرب والنزوح.

صمود في وجه الانهيار

مع غياب مصادر الدخل المستقرة وتراجع حضور الرجال بسبب الاعتقال أو الهجرة أو القتال، تحولت المرأة السورية إلى السد المنيع في وجه الانهيار، حيث امتلكت القدرة على الحفاظ على استمرارية الأسرة وعجلة الحياة. اضطرت الكثير من النساء للبحث عن سبل جديدة للرزق، سواء في الزراعة، الصناعات اليدوية، أو عبر مشاريع منزلية صغيرة. لم يقتصر دورهن على العمل المباشر، بل امتد ليشمل إدارة الموارد المتاحة بذكاء، وتوفير أساسيات الحياة للأطفال، والحفاظ على تعليمهم في أحلك الظروف. حتى التحويلات المالية من الخارج أصبحت تدار بأيديهن، مما يبرز دورهن المحوري في دعم الأسرة.

كسر الصور النمطية وتحقيق الذات

في خضم هذه المحنة، خرجت نساء كثيرات إلى الفضاء العام، يشاركن في الحراك المدني والإغاثي، ويوثقن الانتهاكات ويقدمن الدعم للنازحين والجرحى، متحديات الخوف والقيود الاجتماعية.

مريم جابر أم محمد، من سكان تل أبيض في الرقة، تؤكد أن تجربتها القاسية كسرت الصور التقليدية عن المرأة السورية. تقول: “تحولت من امرأة كانت ربة منزل ومرفهة إلى امرأة عملت كثيراً واجتهدت على نفسها لتكون عوناً لزوجها وعائلتها”. وتضيف أن هذه التجربة جعلت المرأة السورية “شريكًا فعليًا في الاقتصاد والمجتمع”.

أصبحت المرأة صوتا حاضرا في الميدان الإنساني والسياسي، وحملت على عاتقها عبء إعالة الأسرة والمساهمة في صون كرامة المجتمع.

ورغم الألم والخسارات، أثبتت المرأة السورية أن قوتها لا تقتصر على الصبر، بل تتجسد في قدرتها على الإبداع ومواجهة التحديات وصناعة التوازن وسط الفوضى. إنها شهادة حية على أن بناء الأوطان يبدأ من صمود نسائها قبل أي شيء آخر.

 

اقرأ أيضاً:عمل المرأة السورية بين الاستقلالية والضغط المادي

اقرأ أيضاً:تعيينات جميعها لرجال في وزارة الخارجية السورية..أين تمكين المرأة؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.