مجلة Forbes الأمريكية: من يرسم مستقبل سوريا؟ سباق النفوذ يحتدم بين 10 دول كبرى
كشفت مجلة Forbes الأمريكية، في تحليل موسّع، أن الإنذار العسكري الذي وُجّه إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في أواخر تموز/ يوليو 2025، كان نقطة تحوّل فارقة في مشهد النزاع السوري، وذلك بعد نحو 8 أشهر من سقوط نظام بشار الأسد.
من يسيطر على سوريا اليوم؟
بحسب المجلة، فإن الحكومة السورية الانتقالية تبسط سيطرتها على نحو 70% من الأراضي السورية، في حين تهيمن قوات “قسد” على ما بين 25 و30% من البلاد. أما مستقبل سوريا السياسي، فلا يزال غامضًا بفعل تضارب الرؤى والتدخلات الإقليمية والدولية.
الحكومة الانتقالية بقيادة الشرع: طموح دولة مركزية وسط هشاشة ميدانية
وصفت “فوربس” رئيس الحكومة الانتقالية، أحمد الشرع – القائد السابق لهيئة تحرير الشام – بأنه تحول من “جهادي” إلى رجل دولة براغماتي، مدفوعًا بمزيج من الأيديولوجية السابقة ومقتضيات الحكم المدني.
رفع واشنطن اسم هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب منتصف 2025 ساهم في الاعتراف بالحكومة الجديدة.
رغم السيطرة على معظم المدن الكبرى، إلا أن الاستقرار لا يزال مفقودًا، مع وقوع أكثر من 1500 قتيل علوي في 72 ساعة في شهر آذار/ مارس الماضي، واشتباكات دامية في السويداء في تموز / يوليو.
وبحسب مجلة Forbes الأمريكية فإن الشرع يسعى إلى استعادة الأصول السورية المجمدة بقيمة 400 مليون دولار، وتثبيت دولة مركزية قوية. ومع غياب جيش منضبط واسع الانتشار، تحاول حكومته دمج مقاتلي قسد ضمن الهيكل العسكري الجديد.
تُقدر تكلفة إعادة إعمار سوريا بما بين 250 و500 مليار دولار، وهذا يتطلب مشاركة واسعة من القوى الغربية والخليجية، لن تتحقق -وفق التقرير- من دون تحقيق استقرار ميداني، وهو استقرار قد تدفع الأقليات ثمنه سياسيًا واجتماعيًا.
Forbes: قوات سوريا الديمقراطية: الحكم الذاتي كضمانة للبقاء
رغم توقيع اتفاق اندماج مع دمشق في مارس 2025، لا تزال “قسد” متمسكة بنموذجها الكونفدرالي الديمقراطي، الذي:
– يفرض تمثيل نسائي بنسبة 40%
– يعزز العلمانية والتعددية الثقافية
– يرفض النموذج المحافظ لهيئة تحرير الشام
وتُقدر قوة “قسد” بنحو 100 ألف مقاتل، وتُمول جزئيًا من إيرادات النفط (80 ألف برميل يوميًا)، بسعر 30 دولارًا للبرميل، وهو انخفاض حاد عن إنتاج سوريا قبل الحرب.
وتعتبر “فوربس” أن تجربة قسد مع “داعش” وخسارة 11 ألف مقاتل جعلت من الحكم الذاتي قضية وجودية في مواجهة تهديدات تركيا والجماعات الجهادية وغالبية عربية متوجسة من النفوذ الكردي.
الأقليات السورية: بين القلق من الانتقام والبحث عن ضمانات
أوضحت المجلة أن الأقليات الدينية والإثنية، مثل:
الدروز: يسعون إلى حماية محلية في السويداء
العلويون: يطالبون بضمانات أمنية بعد موجات القتل
المسيحيون: يبحثون عن تمثيل سياسي دائم
وترى هذه الأقليات أن ضعف الدولة المركزية يصب في مصلحتهم الطائفية أكثر من هيمنة هيئة تحرير الشام.
القوى الدولية: سباق على النفوذ في سوريا ما بعد الأسد
رصد تقرير فوربس 10 قوى دولية رئيسية تتنافس لرسم مستقبل سوريا:
الدولة الأهداف الرئيسية
الولايات المتحدة: تهدف إلى انتقال سياسي منظم يمنع عودة “داعش” ويحافظ على النفوذ المضاد لإيران، مع خطط لتقليص وجودها العسكري من 8 قواعد إلى قاعدتين، وضمان استمرار دور “قسد”.
تركيا: تضع على رأس أولوياتها إنهاء الحكم الذاتي الكردي وتفكيك “قسد”، عادّة ارتباطها بحزب العمال الكردستاني تهديدًا للأمن القومي.
فرنسا: تركز على انتقال شامل يحمي الأقليات، خاصة المسيحيين، وتخشى موجات هجرة جديدة قد تعزز اليمين المتطرف.
المملكة المتحدة: تدعم الاستقرار والشرعية السياسية، وتحذر من تكاليف مكافحة الإرهاب إذا تحولت سوريا إلى ملاذ للتطرف.
روسيا: تسعى إلى الحفاظ على قاعدتي طرطوس وحميميم بوصفهما نقاط نفوذ استراتيجية، على الرغم من تراجع حضورها العسكري.
إيران: تهدف للحفاظ على ممر بري لحزب الله، وتبحث عن بدائل بعد فقدان سيطرتها على الممر عقب سقوط الأسد.
إسرائيل: تريد سوريا ضعيفة وغير قادرة على تهديد ضم الجولان.
السعودية: تدعم حكومة سنية جديدة وتتعهد بإعادة إعمار بقيمة 6.4 مليار دولار لمواجهة النفوذ الإيراني.
قطر: تستثمر في قطاع الطاقة (صفقة بـ7 مليارات دولار) لدعم إعادة الإعمار وموازنة النفوذ الإقليمي.
الإمارات: تركّز على مشروعات الموانئ والبنية التحتية (صفقة بـ800 مليون دولار) لدمج سوريا في شبكات التجارة الإقليمية.
الصين: تنتظر عقود إعادة الإعمار ضمن مبادرة “الحزام والطريق” بكلفة تتراوح بين 250 و400 مليار دولار، وتتعامل مع جميع الأطراف من دون قيود أيديولوجية.
مستقبل سوريا: لعبة شطرنج جيوسياسية بلا نهاية وشيكة
اختتمت مجلة Forbes الأمريكية تحليلها بالتأكيد أن المشهد السوري يتحول إلى رقعة شطرنج معقّدة، تتحرك فيها قطع محلية ودولية ضمن لعبة كسر عظم إقليمية، حيث لا يبدو أن أي تسوية شاملة قريبة في الأفق، بينما تستمر معاناة المدنيين، وتبقى الضمانات السياسية والأمنية غائبة.
إقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في إدارة الشرع بسوريا: دعوات لتغيير النهج السياسي
إقرأ أيضاً: خلافات وتحفظات تعيق استعادة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وبريطانيا
إقرأ أيضاً: أولي البأس يخرج من الظل: هل يبدأ عملياته ضدإسرائيل في سوريا؟