هل يسبب التخدير القطني شللاً؟.. طبيب ينصح عبر “داما بوست” بالولادة الطبيعية إلا بهذه الحالات
داما بوست - مارينا منصور
كشف الطبيب الاختصاصي بالتوليد والنسائية شادي خلوف لشبكة “داما بوست” أن السائد حالياً بين النساء الحوامل هو الاتجاه للولادة القيصرية بشكل كبير، لكن بالعودة للعلم فيُنصح بالولادة الطبيعية عندما لا يكون هناك مضاد استطباب لها.
أيهما أفضل.. ولادة طبيعية أم قيصرية؟
وبيّن خلوف أنه حال كانت ظروف الولادة وشروطها ووضع الحامل والجنين لا يمنع من إجراء أو تجربة المخاض فالولادة الطبيعية هي الأفضل.
وأوضح الطبيب أن لكل نوع ولادة مخاطر ومزايا، مشيراً إلى أن الولادة الطبيعية تتم بالطريق المهبلي، وتعود المرأة لنشاطها بشكل أسرع أي أن الاستشفاء سريع، وتقل لديها احتمالية الإنتان، وتكون الآلام بعد الولادة أقل، ويبقى احتمال إنتان الجرح موجوداً، واحتمال النزف موجوداً لأنه يبقى بعض البقايا ضمن الرحم إثر الولادة الطبيعية ما يؤدي لنزف، بالإضافة إلى الخزوعات التي تحدث والتي يمكن أن تمتد إلى داخل المهبل بشكل أعمق، كما قد تمتد الخزوعات أو التمزقات إلى عنق الرحم، و قد تحدث في الإحليل أيضاً، وبالتالي يجب الانتباه لهذا الموضوع.
وعن الولادة القيصرية، أشار خلوف إلى أنه في حال وجود استطباب لها، فتتم تحت التخدير القطني، لافتاً إلى أن احتمال إنتان العمل الجراحي فيها وارد، وهو أعلى من الولادة الطبيعية، أما احتمال النزف فقد يكون أقل أحياناً لأنه يمكن تنظيف المكان بشكل أكبر وأوضح.
وأكد الطبيب أنه في حال عدم وجود مضاد استطباب للولادة الطبيعية، يجب على كل السيدات الحوامل أن يخضعن للولادة الطبيعية.
وذكر خلوف أن مضادات الاستطباب التي تستدعي إجراء ولادة قيصرية هي تألم الجنين، أو اضطراب إصغاء دقات قلب الجنين، أو حالة جنين كبير الحجم جداً مع حوض مقاسه ضيق نسبة لخروج الجنين، أو حالة المجيء المعترض، أو بعض المجيئات الرأسية أو المجيء الوجهي، ما يؤدي إلى صعوبة إجراء ولادة طبيعية.
عوامل جعلت التخدير العام غير مفضل
وذكرت فنية التخدير إسراء المصري أن الحمل يؤثر على كل أجهزة الجسم، وهذه التأثيرات لها طبيعة تكيّفية أي تفيد الحامل، مبينةً أن جسم الحامل يبدي تغيرات ليتكيف مع الحمل ويساعد على تحمل أعباء الحمل والمخاض والولادة.
وقالت المصري: “غالبية المرضى بشكل عام يخافون من التخدير أكثر من العمل الجراحي، وبالنسبة لتخدير الحامل فيجب أن يتم أخذ العديد من الأشياء في عين الاعتبار إثر التغيرات التي تحدث في جسمها، والتي تكون صدرية، قلبية، هضمية، كلوية وغيرها، وهذا ما يميز تخدير الحامل عن باقي المرضى”.
وأضافت: “من الشائع أن تصاب الحامل بالقلس المعدي المريئي والتهاب المريء، أو انزياح المعدة إلى الأعلى والأمام بسبب تأثير الرحم الحامل، ويمكن أن يضعف ذلك قوة المعصرة المريئية المعدية، وهذه العوامل مجتمعة تعرّض الحامل لخطورة حدوث الاستنشاق الرئوي وبالتالي حدوث ذات الرئة، بالإضافة إلى صعوبة في إجراء التخدير العام بخصوص موضوع التنبيب، مما يؤدي إلى المراضة و المواتة الوالدية”.
وبيّنت المصري أنه في التخدير يتم إعطاء المريضة مسكن ومرخي عضلي ومنوم، وإعطاء المرخي العضلي يؤدي إلى إرخاء جميع عضلات الجسم عدا عضلة القلب، ما يقود إلى إرخاء الرئتين وبالتالي إلغاء التنفس العفوي، مبينةً أنه بهذه الحالة يجب تأمين طريق هواء للمريضة عبر التنبيب ووضعها على جهاز تهوية آلية.
وأردفت: “التنبيب لحامل لديها تغيرات فيزيولوجية، والفشل بتأمين طريق هواء أو حدوث استنشاق لمحتويات المعدة هي من الأسباب الرئيسة التي جعلت من التخدير العام غير مفضل لدى الحامل، لأنها قد تؤدي إلى المواتة الوالدية”.
وأوضحت فنية التخدير أنه من عوامل الخطورة الأخرى التي تؤدي إلى فشل التنبيب لدى الحامل إثر تغيرات جسمها، هي وذمة السبيل الهوائي أو ضخامة الثديين لدى الحامل التي لديها عنق قصير، مشيرةً إلى أن الجنين مرتبط بوالدته عبر المشيمة وكل ما يدخل لجسد الحامل يؤثر عليه ما يضطر الفريق الطبي ليكون سريعاً جداً خلال العملية في موضوع التخدير والجراحة خشية انتقال نسبة عالية من مواد التخدير إلى الجنين وتأثيرها على تنفسه، فأصبح التخدير العام غير مفضل بالنسبة للأم أو الجنين.
وأكدت المصري أن للتخدير العام ميزات أيضاً، فبداية تأثيره سريعة وموثوقة، خصوصاً إذا كانت العملية إسعافية ليتمكن الطبيب وفريقه من إجرائها في أسرع وقت، بالإضافة إلى ضبط السبيل الهوائي والتهوية، وكون تأثيره على التوتر الشرياني أقل من التخدير الناحي، وأيضاً في حال حدثت اختلاطات نزف كاندخال المشيمة أو ثقب أو غيرها يمكن العمل عليها بسرعة دون ألم للمريضة.
هل يسبب التخدير القطني شللاً؟
وأفادت فنية التخدير أنه في حالة التخدير الناحي تكون المريضة واعية وترى الجنين بعد الولادة إلى جانبها، كما يمكن أن يكون الأب موجوداً داخل غرفة العمليات، ويكون تعرّض الجنين للمواد المخدرة بنسبة أقل لأن منطقة التخدير بعيدة عن وصول المخدّر إلى الجنين عن طريق الدم، إذ لا يتم إعطاء الأدوية المخدرة وريدياً بل على مستوى القناة الشوكية أو فوقها.
وأشارت المصري إلى أن التخدير الناحي نوعان، تخدير نخاعي يؤمّن حصار حسي حركي يفيد في العمليات القيصرية، والنوع الثاني هو التخدير فوق الجافية ويكون مستوى حقن المواد المخدرة خارج القناة الشوكية، أي في الطبقة التي تقع فوقها، مبينةً أن إبرة التخدير في هذه المنطقة تكون مختلفة، والقثطرة يمكن أن تبقى داخل جسم المريضة بعد العملية لتسكين الألم بجرعة مضبوطة، ما يفيد في الولادة الطبيعية دون ألم.
وكشفت فنية التخدير أن مخاوف النساء من التخدير القطني تكمن في اعتقادهم أن “إبرة الظهر” ستسبب لهم شللاً، موضحةً أن كل شيء له تأثيرات جانبية، لكن موضوع الشلل بعيد جداً عن الحدوث، وذلك لأن المنطقة التي تدخل بها الإبرة بعيدة عن نهاية الحبل الشوكي، فالحبل الشوكي ينتهي عند الفقرة القطنية الأولى أو الثانية، ومكان إدخال إبرة البزل القطني يكون عند الفقرة الثالثة أو الرابعة، ويكون الأمر سهلاً وواضحاً جداً أمام فنيي التخدير، فاحتمال إصابة الحبل الشوكي ضئيل جداً.
وعن الصداع بعد التخدير، لفتت المصري إلى أنه شيء لا بد منه، لأنه يتم سحب السائل الدماغي الشوكي وبزل المنطقة ثم إعادة الحقن فيها، فيمكن حدوث تغيرات بالضغط داخل المنطقة، مضيفةً أنه لا يُنصح بعمل حركات مفاجئة، ويجب أن تبقى المريضة مستلقية على ظهرها دون وسادة لتتغلب على الصداع.
وقالت: “مدة الصداع تتراوح بين الـ24 ساعة إلى أسبوعين كحد أقصى وبعدها سيختفي”.
وتابعت فنية التخدير: “في التخدير القطني لا خوف على المريضة إذا كانت سليمة تماماً، إلا إذا كان لديها مشكلات تخثر أو تشوّهات في الظهر أو التهاب سحايا أو آفات شاغلة للحيز، وبدون هذه الأعراض لا يوجد أي مانع من إجراء التخدير القطني سوى رفض المريضة”.