داما بوست- عمار ابراهيم| لا تقتصر هموم الأهالي في محافظة حمص خلال شهر فترة امتحانات الشهادات الثانوية والإعدادية على تحقيق أبنائهم للنتائج المرجوة بتحصيل العلامات المؤهلة لدخول أحد فروع الجامعة، بل تتعدى ذلك مع المبالغ المالية الكبيرة المترتب عليهم دفعها مقابل الدروس الخصوصية.
وما إن يبدأ كل عام دراسي جديد حتى يحمل معه مصاعب جديدة للأهالي تضاف إلى موجة الغلاء وارتفاع كافة تكاليف المعيشة اليومية من تأمين الطعام والمونة ودفع الفواتير والمواصلات وغيرها، لتكون أزمة ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية آخر تلك الأعباء الموسمية.
ووصلت تكلفة الساعة الواحدة عند بعض الأساتذة إلى 50 ألف ليرة للمواد العملية و30 ألف للمواد النظرية بحسب بعض الأهالي، بينما تقل تلك الأسعار بحسب الحي والمستوى الاقتصادي لسكانه، في واقع يندرج على باقي المحافظات بشكل عام.
وأكد حذيفة (طالب بكالوريا علمي) خلال حديثه لشبكة “داما بوست” أن عدداً من رفاقه اقترحوا تلقي الدروس على شكل مجموعة من عشرة طلاب يذهبون سوية إلى منزل الأستاذ في حي الزهراء بمدينة حمص وتلقي الدروس الداعمة بتكلفة 10 آلاف للطالب الواحد وهو ما يخفف من الأعباء المالية على ذويه”.
وتابع الشاب: “أصبحت المبالغ التي دفعتها كبيرة جداً، وتقارب 500 ألف خلال فترة شهر واحد فقط، ويأتي ذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعاني منها كما حال معظم سكان الحي لكن شهر الامتحانات سيكون حاسماً لتحديد مستقبلي ولهذا السبب يقدم أهلي كل ما باستطاعتهم لمساعدتي”.
من جهته، قال أحد سكان حي الأرمن لـ “داما بوست” إن: “تراجع المستوى التعليمي في المدارس وغياب ضمير بعض الأساتذة يدفعنا مرغمين على الاتفاق مع بعضهم الآخر لإعطاء دروس خصوصية في منزلنا أو منازلهم، وذلك بعد تأكيد أطفالنا أنهم لا يتلقون المعلومات بشكل كاف وواف في الصف”، حسب تعبيره.
وأضاف آخر بأن: “لعبة بعض الأساتذة باتت مكشوفة، إذ يحصلون على مبالغ مالية كبيرة خلال فترة الامتحانات نتيجة الطلب الهائل من مئات الطلاب على تلقي الدروس، ومنهم من يشتري سيارة أو منزلاً، وبحسبة بسيطة فإن إعطاء 10 ساعات فقط وبتكلفة 10 آلاف يومياً ولطالب واحد كل ساعة فقط تمكنهم من الحصول على 100 ألف أي 3 ملايين شهرياً”.
من جانبه، أشار أحد سكان حي المهاجرين إلى أن: “تلقي الدروس الخصوصية أصبح موضة وبرستيج لا أكثر، والدليل أن الأجيال السابقة لم تكن مهووسة بهذا الأمر كما يحصل حالياً، حيث كان من النادر أن يتلقى الطالب أي درس إلا في حالات خاصة كالمرض أو رغبته الشديدة بالتفوق”.
وأضاف الرجل الموظف: “يسعى البعض لوضع معلمين خصوصيين لأبنائهم من باب التفاخر والمباهاة أمام المعارف والأصدقاء ويدفعون أسعار خيالية، و هذا سبب الطمع لدى بعض المعلمين وجعلهم يطلبون من الجميع أسعار مرتفعة دون مراعاة الفوارق الطبقية الموجودة في المجتمع”.
ووجد آخر تبريراً لتقاضي الأساتذة مبالغ مالية كبيرة، قائلاً إن: “راتب المعلمين لا يكفي أياماً معدودة، وبالتالي تكون امتحانات الشهادة الاعدادية والثانوية فرصة مناسبة لتحسين دخله المادي، مع التأكيد على أهمية العمل الأخلاقي خلال العام الدراسي في الصف، ودون أن يتحكم الجشع في نفسه”.
بينما عبر أبو علي (من سكان حي العباسية) عن استغرابه من غياب دور ورقابة وزارة التربية على المعاهد والتسعيرات الفلكية الموضوعة، بالإضافة إلى غياب ضمير بعض الأساتذة في الحصص الدرسية دون وجود رقابة من قبل إدارات المدارس ووزارة التربية، فتفرغ المعلمين للدروس الخصوصية وتركوا مسؤوليتهم بالمدارس، حسب قوله.
من جهته، لفت أحد المعلمين إلى سبب زيادة هذه الظاهرة، وهي ضخامة المواد والمقررات التي باتت تشكل عبئاً على الطالب نفسه قبل المعلم، إذ كانت تتصف المناهج القديمة بالسلاسة والقدرة على النفوذ إلى عقل الطالب بسهولة، بينما أصبحت اليوم ضخمة وصعبة وكثيرة المعلومات وتحتاج إلى دروس داعمة خارج أوقات المدرسة دون إغفال القيام بالواجب المهني على أكمل وجه”.
الجدير بالذكر أنه لا يوجد أي ضوابط واضحة فيما يتعلق بإعطاء الدروس الخصوصية، وعدم التحديد بشكل صريح عن قيمة الأجرة التي يستحقها الأستاذ، حيث يترك الموضوع لتقديره وضميره وتفهمه للوضع الإقتصادي للعائلة.