العلاقات الاقتصادية السورية – الأميركية: التحديات والفرص المستقبلية

مرت العلاقات الاقتصادية بين سوريا والولايات المتحدة بتذبذب كبير على مدى العقود الماضية، حيث تأثرت بتقلبات سياسية وأمنية، ما أدى في بعض الأحيان إلى قطيعة دبلوماسية وعقوبات اقتصادية. ورغم ذلك، ظل حجم التبادل التجاري والاستثمارات الأميركية محدوداً على الرغم من الفترات التي شهدت بعض الاستقرار والانفتاح السياسي.

العوامل الرئيسية لاستقطاب الاستثمارات الأميركية:

الحديث عن إمكانية جذب استثمارات أميركية إلى سوريا في الوقت الراهن يتوقف على عاملين رئيسيين:

إلغاء قانون “قيصر” بشكل نهائي: رغم تعليق العمل بالقانون لمدة 6 أشهر، إلا أن هذا القرار لا يقدم ضمانات للمستثمرين الأجانب، ولا يطمئن الشركات الأميركية.

إبرام اتفاق سلام دائم مع “إسرائيل”: تظل الضغوط الإسرائيلية حاضرة في تقليص الفرص الاقتصادية بين دمشق وواشنطن، إذ تسعى “تل أبيب” لتقليص أي دور للشركات الأميركية في السوق السوري.

مبادلات تجارية واستثمارات محدودة:

بحلول عام 2010، أظهرت البيانات الرسمية أن سوريا استوردت من الولايات المتحدة بما يقارب 566 مليون دولار، أي حوالي 34% من إجمالي وارداتها من دول أميركا. بالمقابل، بلغت صادرات سوريا إلى الولايات المتحدة نحو 397 مليون دولار، مما يشكل 87% من صادرات سوريا إلى دول أميركا. ومع بداية الأزمة السورية وفرض العقوبات الأميركية، شهد التبادل التجاري تراجعاً حاداً.

تراجع التبادل التجاري:

في عام 2012، انخفضت المستوردات السورية من الولايات المتحدة إلى 156 مليون دولار، ما يعادل 26.19% من إجمالي الواردات من القارة الأميركية، بحسب جريدة “الأخبار” اللبنانية.

وصل التراجع إلى ذروته في عام 2022، حيث بلغ حجم المستوردات 11.3 مليون دولار فقط، أي ما يعادل 4.7% من إجمالي واردات البلاد.

أما الصادرات السورية إلى الولايات المتحدة فقد تراجعت بشكل كبير أيضاً، حيث انخفضت من حوالي 397 مليون دولار في 2010 إلى 6.7 مليون دولار في 2012، وصولاً إلى 2.7 مليون دولار في 2022.

الاستثمارات الأميركية في سوريا:

لا تزال الاستثمارات الأميركية في سوريا محدودة، على عكس الاستثمارات الخليجية التي تشهد حضوراً ملحوظاً في القطاع العقاري والخدمات المالية. بحسب مسح الاستثمار الأجنبي في 2009، كانت الاستثمارات الأميركية لا تتجاوز 4 ملايين دولار، أي ما يعادل 0.2% فقط من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في سوريا.

وكانت معظم الاستثمارات الأميركية تتركز في القطاع الاستخراجي (مثل معمل “كونيكو” للغاز)، مع استثمارات محدودة في قطاعات أخرى مثل التعليم والصناعات الزجاجية.

آفاق التعاون الاقتصادي المستقبلي:

مع وجود مساعي للتخفيف من تأثير قانون “قيصر” وتوجهات الإدارة الأميركية لتخفيف الضغط على دمشق، يتوقع بعض الخبراء أن يشهد التبادل التجاري بين البلدين تحسناً ملحوظاً. ستكون المبادلات التجارية والتكنولوجيا الحديثة من القطاعات الرابحة في هذه الفترة، في ظل احتياجات سوريا للمعدات والسلع التكنولوجية والغذائية.

قطاع الطاقة والنفط يعد من أبرز القطاعات التي يمكن أن تجذب استثمارات أميركية، حيث بدأت بعض الشركات النفطية الأميركية دراسة فرص الاستثمار في سوريا، خاصة في مجالات استكشاف النفط والغاز. كما توجد محاولات لدخول الشركات الأميركية في القطاع المصرفي، لكن من المتوقع ألا تحدث استثمارات مصرفية كبيرة قبل عامين أو ثلاثة، نظراً لعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية في سوريا.

وتبقى العلاقات الاقتصادية السورية – الأميركية مرهونة بالعديد من العوامل السياسية والاقتصادية، حيث أن إزالة العقوبات الأميركية وإبرام اتفاق سلام مع “إسرائيل” قد يشكلان حجر الزاوية لجذب الاستثمارات الأميركية إلى سوريا. ومع توجه بعض الشركات الأميركية نحو قطاعات مثل الطاقة والمصارف، قد تشهد السنوات المقبلة تحولاً إيجابياً في حجم التبادل التجاري بين البلدين.

إقرأ أيضاً: قانون قيصر.. فرصة مؤقتة لإنعاش الاقتصاد السوري أم بداية تحول حقيقي؟

إقرأ أيضاً: ماست يضع شرطاً أساسياً للموافقة على إلغاء عقوبات «قيصر»

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.