بريطانيا تصدر إرشادات جديدة للاستثمار في سوريا

أصدرت الحكومة البريطانية مذكرة إرشادية جديدة تهدف إلى توضيح الإطار القانوني والسياسي الناظم لأي استثمار بريطاني محتمل داخل سوريا، في خطوة تعكس اهتمامًا متزايدًا من الشركات والبنوك والقطاع الإنساني في المملكة المتحدة بالبحث عن فرص عمل داخل البلاد، وفق ما أعلنته وزارة المالية البريطانية يوم الثلاثاء، 2 كانون الأول.

وقالت الوزارة إن عدداً من الشركات البريطانية أبدى رغبة في استكشاف السوق السورية خلال الفترة الماضية، ما دفعها إلى طلب مزيد من الوضوح بشأن القواعد والضوابط التي تحكم مثل هذه الأنشطة، وخاصة في ظل استمرار وجود قيود قانونية وعقوبات دولية مرتبطة بالملف السوري.

إطار إرشادي قائم على “تقييم المخاطر”

وأوضحت وزارة المالية أن المذكرة الإرشادية لا تمثل “نهجاً واحداً يناسب الجميع”، وإنما تسعى إلى تعزيز قدرة الشركات على اتخاذ قرارات مبنية على تقييم شامل للمخاطر، مع الالتزام الكامل بتشريعات المملكة المتحدة وسياساتها الخارجية، بما في ذلك العقوبات المفروضة على أطراف سورية.

وأكدت الوزارة أن الحكومة البريطانية “تدعم” الشركات التي تنوي الاستثمار أو العمل تجارياً في سوريا، شرط أن تكون الأنشطة متوافقة مع القوانين البريطانية وأن تكون الوجهة النهائية للعمليات داخل سوريا بشكل شفاف. ومع ذلك، شددت على أن الشركات تتحمل المسؤولية الكاملة في تقييم مستوى المخاطر ووضع إجراءات ضمان وحماية ملائمة لطبيعة أنشطتها.

وتشير المذكرة إلى أن المخاطر تشمل وجود “جهات خبيثة” داخل سوريا، بعضها جهات حكومية، قد تستغل البيئة القانونية الهشة لتحقيق مكاسب خاصة. كما لفتت إلى أن كيانات خاضعة للعقوبات البريطانية تلجأ عادة إلى أساليب التفاف مختلفة مثل تغيير مسارات الشحن، والتلاعب بوثائق الاستخدام النهائي للمواد، والاستعانة بشبكات وشركات وسيطة للتهرب من ضوابط التصدير.

تحركات استثمارية موازية: مباحثات سورية ـ بريطانية

يأتي إصدار هذه الإرشادات بالتزامن مع نشاط ملحوظ من شركات بريطانية في قطاع الطاقة السوري. ففي 27 آب الماضي، عقد وفد من شركة GULFSANDS، برئاسة مديرها العام جون بيل وكبير مستشاريها آلان دنكان، اجتماعاً مع وزير الطاقة السوري محمد البشير ونائبه غياث دياب.

وبحسب ما نشره بيل عبر “لينكد إن”، تركزت المباحثات على سبل عودة الشركة إلى العمل كشريك موثوق في تطوير قطاع الطاقة، مؤكداً استعداد GULFSANDS لاستئناف عملياتها فور تحسن الظروف. كما قدم الوفد عرضاً محدثاً لخطط الشركة بشأن إعادة الدخول إلى منطقة البلوك 26، بما يشمل استكشاف وتطوير آبار جديدة، وإعادة ربط سلسلة التوريد الدولية الداعمة لعملياتها.

وناقش الجانبان فرص تعاون أوسع خارج نطاق البلوك 26، تضمنت مقترحات لإعادة تنشيط وتأهيل حقول النفط والغاز الأخرى في البلاد. ووفق الوكالة السورية للأنباء (سانا)، تناول اللقاء أيضاً إمكانية مشاركة الشركة البريطانية في مشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية النفطية.

رفع تدريجي للعقوبات على كيانات سورية

وتقترن هذه التطورات بخطوات ملموسة اتخذتها الحكومة البريطانية مؤخراً باتجاه تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا. ففي نيسان الماضي، رفعت لندن العقوبات عن قطاعات الطاقة والنقل والتمويل، وألغت تجميد الأصول عن 12 كياناً سورياً، من بينها وزارتا الدفاع والداخلية وعدد من أجهزة المخابرات ووسائل الإعلام الرسمية.

وتشمل القائمة التي أزيلت منها العقوبات:

  • وزارة الداخلية

  • وزارة الدفاع

  • إدارة المخابرات العامة

  • جهاز المخابرات الجوية

  • إدارة الأمن السياسي

  • مكتب الأمن الوطني

  • شعبة المخابرات العسكرية

  • مكتب إمداد الجيش

  • الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون

  • صحيفة “الوطن”

  • قناة “شام برس”

  • قناة “سما”

كما سبقت هذه الخطوة إجراءات مشابهة في 6 آذار الماضي، حين شطبت بريطانيا 24 كيانًا سوريًا من قوائمها العقابية، من ضمنها: مصرف سوريا المركزي، المصرف التجاري السوري، البنك التعاوني الزراعي، شركة “الفرات” للبترول، وشركتا “دير الزور” و“دجلة” و“إيبلا” العاملات في قطاع النفط، إلى جانب المؤسسة العامة للتبغ وشركة “محروقات” والشركة السورية للنفط.

مسار بريطاني أكثر مرونة… لكنه محفوف بالتحديات

تشير الخطوات البريطانية الأخيرة إلى سياسة تتجه نحو مزيد من المرونة في التعامل مع الملف الاقتصادي السوري، سواء من خلال إصدار إرشادات واضحة للشركات أو عبر تخفيف تدريجي للعقوبات. غير أن لندن تؤكد في الوقت نفسه أن أي انخراط اقتصادي يجب أن يتم ضمن قواعد صارمة تجنب الشركات الوقوع في مخالفات قانونية أو التعامل مع جهات تخضع للعقوبات.

وبينما تتزايد إشارات الاهتمام من جانب قطاع الأعمال البريطاني، يبقى مدى قدرة البيئة السورية الحالية على استيعاب استثمارات حقيقية مرهوناً بعوامل سياسية وأمنية واسعة، تجعل مسار الانخراط البريطاني محتاجاً إلى حذر شديد وتقييم مستمر للمخاطر.

اقرأ أيضاً:ماست يضع شرطاً أساسياً للموافقة على إلغاء عقوبات «قيصر»

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.