أزمة الكهرباء والمياه في ريف دمشق تتفاقم وسط انقطاعات طويلة ومعاناة آلاف الأهالي
تشهد مناطق ريف دمشق انقطاعاً شبه دائم للكهرباء والمياه، ما أدى إلى أزمة إنسانية ومعيشية خانقة طالت آلاف السكان الذين باتوا عاجزين عن تأمين احتياجاتهم اليومية الأساسية. وتستمر الانقطاعات لساعات طويلة في ظل غياب أي حلول فعلية أو مبررات رسمية واضحة.
انقطاع الكهرباء والمياه.. معاناة يومية تتصاعد:
خلال الأشهر الماضية، ازداد التقنين الكهربائي في مختلف مناطق الريف، حيث تنقطع الكهرباء خمس إلى ست ساعات مقابل ساعتين فقط من الوصل. أما المياه، فتنقطع لأيام متتالية في عدد كبير من المدن والبلدات دون جدول زمني ثابت.
هذه الانقطاعات المتواصلة لم تعد مجرد إجراءات تقنين، بل تحولت إلى أزمة تمس تفاصيل الحياة اليومية، من تخزين الطعام وتشغيل المضخات، وصولاً إلى الأعمال المنزلية والورش الصغيرة التي تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء.
تفاقم حاد رغم الوعود الحكومية:
ورغم تصريحات الحكومة السورية قبل أسابيع عن “تحسن تدريجي” في واقع الكهرباء والمياه، إلا أن الوضع ازداد سوءاً مع بداية كانون الأول/ديسمبر، حيث سُجلت موجة جديدة من الانقطاع الطويل والمتكرر، بالتزامن مع غياب المياه في مناطق تعتمد كلياً على المضخات الكهربائية.
يؤكد أهالي ريف دمشق أن ضعف التيار الكهربائي وعدم استقراره يعيق تشغيل المضخات حتى عند عودة المياه لساعات قليلة، ما دفع العديد إلى شراء صهاريج المياه بأسعار مرتفعة.
شهادات من الأهالي: بين العجز والخسارة:
سعاد بكر من القلمون تقول لـ “الحل نت” إن عائلتها تعيش وضعاً “صعباً جداً”، خاصة بوجود أطفال ومرضى في المنزل. وتوضح أن المياه تنقطع لأربعة أو خمسة أيام متتالية، وعند عودتها تكون الكهرباء مقطوعة، ما يجعل تشغيل المضخة مستحيلاً. وتضيف أن الانقطاع المفاجئ للكهرباء تسبب في تلف أجهزة منزلية دون تعويض.
في الغوطة الشرقية، يؤكد محمود سراقبي أن التيار الكهربائي “غير منتظم إطلاقاً”، مشيراً إلى أن الثلاجة تعطلت مرتين بسبب عودة الكهرباء المفاجئة. ويضيف لـ “الحل نت”: “الكهرباء تأتي ساعتين وتغيب ست ساعات، وأحياناً أكثر. حياتنا كلها صارت مرتبطة بانتظار التيار.”
الأعمال معلّقة والطلاب عاجزون عن الدراسة:
تتسبب أزمة الكهرباء في تعطيل الأعمال وإرباك حياة الموظفين والطلاب.
سامر كيالي، موظف من الغوطة، يؤكد أنه غير قادر على متابعة عمله من المنزل بسبب الانقطاعات المستمرة: “كل ساعة قطع كهرباء تعني خسارة جديدة لعائلة بالكاد تعيش.”
أما ندى غزال، طالبة في الجامعة الافتراضية من القلمون، فتقول إن انقطاع الكهرباء يؤثر مباشرة على قدرتها على حضور المحاضرات والالتزام بالدراسة، مضيفة: “غياب الكهرباء والإنترنت سرق منا جزءاً من مستقبلنا.”
العائلات التي تضم مرضى وكبار سن تعاني بشكل مضاعف، إذ يشكل انقطاع التيار تهديداً لعمل الأجهزة الطبية المنزلية، ما يجعل الوضع أكثر خطورة، وفق حديث سلمى بقدونسي لـ “الحل نت”.
اتهامات بالتمييز في توزيع الخدمات:
ورغم التبريرات الرسمية التي ترجع الأزمة إلى نقص الموارد والضغط على الشبكات، يرى كثير من سكان ريف دمشق أن ما يحدث تجاوز حدود التقنين الطبيعي ليصبح تمييزاً واضحاً في توزيع الخدمات بين المناطق.
ويتخوف الأهالي من استمرار فقدان الثقة بالحكومة، خاصة مع التغيير المستمر في ساعات القطع والوصل دون إعلان مسبق أو تفسير واضح.
أزمة مستمرة دون حلول:
يؤكد سكان ريف دمشق أن مشكلتي الكهرباء والمياه لم تعودا حالات طارئة، بل تحولت إلى أزمة مزمنة تؤثر على الحياة المعيشية بشكل مباشر. ففي كل يوم تتبدل ساعات الوصل والقطع بشكل عشوائي، فيما تبقى آلاف العائلات عالقة في انتظار غير معلوم لخدمات أساسية باتت في حدّها الأدنى.
وبين غياب حلول رسمية واستمرار الانقطاعات القاسية، يبقى المواطن الخاسر الأكبر في ملف الخدمات، فيما تتكرر المعاناة اليومية دون أي بوادر انفراج قريبة.
إقرأ أيضاً: تدهور البنية التحتية في مدينة تدمر.. أزمة الكهرباء تتفاقم بعد عودة الأهالي المهجرين
إقرأ أيضاً: طلاب حلب تحت الضغط… تبرعات إلزامية رغم الأزمة المعيشية الخانقة