الشيباني: لا تقدم ملموساً مع “قسد”.. لكن المسار العام للمفاوضات إيجابي
أكد وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، أن المفاوضات الجارية بين حكومته وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لم تحقق حتى الآن أي تقدم ملموس، رغم وصفه للمسار العام بأنه “إيجابي”.
وقال الشيباني، في تصريحات لموقع “المونيتور” الأميركي على هامش مؤتمر “حوار المنامة” في البحرين، إن “المباحثات مع قوات قسد لم تسفر حتى الآن عن أي خطوات إيجابية أو عملية”، مشيراً إلى أن الجمود لا يزال يطغى على المشهد التفاوضي، رغم وجود “مناخ عام مشجع”.
وأوضح الوزير أن الحكومة الانتقالية تنظر إلى الحوار مع “قسد” بوصفه مساراً وطنياً ضرورياً لاستقرار البلاد، وأن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين “سيخدم السوريين جميعاً”، ويساهم في تثبيت الأمن وتحريك عجلة الاقتصاد. كما رأى أن الاتفاق سيُسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي، ويحول دون عودة سوريا إلى دوامة العنف أو تحوّلها مجدداً إلى مركز لاستقطاب الجماعات المتطرفة، بما قد ينعكس أيضاً على موجات النزوح والهجرة نحو دول الجوار وأوروبا.
تناقض في الروايات بين دمشق وواشنطن
تأتي تصريحات الشيباني في وقتٍ عبّر فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، عن رؤية مغايرة، إذ قال خلال المؤتمر إن “المحادثات تسير بشكل جيد للغاية”، مشيراً إلى “تقدم في الجهود التي ترعاها واشنطن لتوحيد الهياكل السياسية والعسكرية في البلاد”.
ويأتي هذا التباين في المواقف قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، والمقرر مبدئياً في 10 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
ويُنظر إلى أي اتفاق محتمل مع “قسد”، التي تسيطر على نحو ثلث الأراضي السورية بما في ذلك معظم الموارد النفطية والمائية، على أنه عنصر أساسي في دعم تعافي الاقتصاد السوري، وركيزة لإقناع الإدارة الأميركية برفع العقوبات المتبقية عن دمشق، في ظل التأييد الواسع الذي تحظى به “قسد” داخل الكونغرس الأميركي.
خلافات حول الاندماج العسكري والإداري
الخلافات بين الطرفين ما زالت قائمة رغم توقيع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع والقائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي، في 10 آذار/مارس الماضي، على اتفاقية إطارية مؤلفة من ثماني نقاط تهدف إلى دمج الهياكل المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية ضمن الحكومة بدمشق، برعاية أميركية.
القائد العسكري في “قسد”، سيبان حمو، الذي يقود المحادثات من جانب “قسد”، أكد في تصريحات صحفية أن “الأمور لا تسير كما يصفها المبعوث الأميركي براك”. وأوضح أن الاجتماع الأخير مع ممثلين عن وزارة الدفاع وعدد من المسؤولين الأميركيين “اقتصر على وعود شفهية وبيانات نوايا عامة، دون أي اتفاقيات مكتوبة أو محددة”.
وأشار حمو إلى أن “قسد” ترفض التنازل عن سلاحها أو الانضمام للجيش الوطني كأفراد، موضحاً أن الموقف الكردي يقبل من حيث المبدأ بالقيادة العامة للجيش السوري الوطني الجديد، شرط الاحتفاظ بالهيكلية كوحدات متميزة، والاستقلال الإداري ضمن مناطقها الحالية. وقال: “الاندماج يجب أن يقوم على الشراكة والاحترام المتبادل، لا على الإقصاء أو التصفية”.
الرؤية الأميركية: نموذج “الحكم الهجين”
من جانبه، طرح المبعوث الأميركي توم براك رؤية جديدة تقوم على ما وصفه بـ”النموذج الهجين للحكم”، يجمع بين مركزية الدولة وإدارة محلية واسعة الصلاحيات.
وقال براك في كلمته: “يمكن للنظام المركزي أن يتعايش مع إدارات محلية ومدارس بلغات متعددة وسلطات بلدية وحتى أجهزة شرطة محلية”، مشبهاً النموذج المقترح بنظام “الملل” العثماني، الذي منح الأقليات استقلالية محدودة مقابل الولاء للدولة.
وشدد براك على أن الأولوية في المرحلة الحالية هي “إطلاق الاقتصاد السوري وإلغاء العقوبات بالكامل”، داعياً الأطراف السورية إلى تقديم “صورة وحدة وطنية” إلى المجتمع الدولي، وخصوصاً الكونغرس الأميركي، على أن يتم التفاهم لاحقاً على التفاصيل التنفيذية للاتفاق.
تركيا في المعادلة
ورغم تعقّد المسار التفاوضي بسبب انعدام الثقة بين الجانبين السوري والكردي، وتوتر الأوضاع الأمنية في الجنوب السوري، تبقى تركيا عاملاً مؤثراً في المفاوضات. إذ تعتبر أنقرة أن “قسد” تمثل “تهديداً وجودياً” لأمنها القومي بسبب صلاتها بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وتطالب بتفكيكها ونزع سلاحها.
إلا أن المبعوث الأميركي توم براك استبعد أن تكون تركيا عقبة أمام جهود الدمج، قائلاً إن أنقرة “صبورة وتتفهم أهمية هذه الخطوات”، وإنها “تُفضّل أن تصبح قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من النظام السوري الجديد بدلاً من بقائها ككيان مستقل على حدودها”.
اقرأ أيضاً:دمج قسد بالجيش السوري الجديد: دير الزور محطة الاختبار الأولى لاتفاق آذار/مارس