“كيف شايفين الأمور بدمشق؟” سؤال بسيط وجه لنحو 25 شاباً وشابة في دمشق، لكنه فجّر سيلًا من الردود التي رسمت صورة واقعية، صادمة أحيانًا، ومتفائلة أحيانًا أخرى، عن حال العاصمة السورية دمشق.
في استطلاع رأي أجرته شبكة داما بوست على شريحة من السوريين تراوحت أعمارهم بين 25 -50، انقسمت الآراء بشكل لافت بين من يرى أن دمشق “صارت بشعة”، ومن يرى أن هناك تحسّنًا “بحاجة لصبر”.
واقع مأزوم… وفوضى بلا حلول:
عدد كبير من المعلقين لم يتردد في التعبير عن غضبهم من الأوضاع المعيشية والخدمية في العاصمة، مستخدمين عبارات صريحة، دون تجميل.
“الشام صارت بتقرف… عجقة زلم، زبالة، سرقات، خطف، ما فيك تبعت ابنك لعند البقالة”.
أحدهم وصف دمشق بأنها أصبحت “حارة كل مين إيدو إلو”، مشيرًا إلى غياب هيبة الدولة وانتشار الفوضى، فيما عبّر آخر عن استيائه من المحافظ بالقول: “المحافظ متل قلّته… منظر وطقم وكرافة، بس ولا شي عالأرض”.
الأسعار نار… والناس عاجزة:
الأزمة الاقتصادية كانت في صلب معظم الردود، خصوصًا مع عودة ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، لا سيما في الموسم الشتوي.
“بيجامة بـ250 ألف، وحذاء بـ150 ألف، ورغيف الخبز صار أمنية… وبدنا نعيش بس بخبز حاف”.
نظافة غائبة… وخدمات “شكلية”:
النفايات كانت واحدة من أكثر المواضيع ذكرًا، حيث قال أحدهم: “الحاويات عم تطفطف من الزبالة… ولا حدا عم يشيلها”، فيما طالب آخرون بوجود رقابة حقيقية على النظافة، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من الإهمال التام.
تراجع في الخدمات… وتوقيع مشاريع على “الفيس” فقط:
الكثيرون عبروا عن عدم ثقتهم بالتصريحات الرسمية ووعود إعادة الإعمار، خصوصًا في مناطق مثل جوبر والقابون، التي لم تشهد أي تغيير حقيقي، رغم كثرة الكلام عن مشاريع واستثمارات.
وقال أحد المعلقين: “توقيع استثمارات على الفيس… وقرارات ما حدا بيطبّق منها شي”.
وأضاف آخر: “كل طلعة عالشارع بتعمللي توتر… الزحمة، الضجيج، تعامل الناس، وكأنو الكل معصّب وعايش ضغط دائم. ما عاد في طاقة نتحمل شي”.
“موت بطيء بس منظم”:
وقال أحد الأشخاص الذين استطلعت داما بوست أراءهم: “المدينة ماشية بنظام… بس مو نظام حياة، نظام موت بطيء: غلاء، قلة فرص، فساد، ومواطن ما عاد فيو يحلم حتى”، وأضاف: “ما في أي بارقة أمل حقيقية… كلشي ترقيع، ما في حلول جذرية، وكأنو عم نمشي بحيطة سدّ. ما بتعرف لوين رايحة البلد”.
“في خطوات صغيرة بس موجودة”
لكن في جهة مقابلة، هناك من يرى بصيص أمل في وسط هذا السواد، ظهرت تعليقات أخرى تدعو للتفاؤل: “دمشق بخير… وفي تغييرات كانت بالأمس حلم وصارت واقع”، “لسّا الخير لقدّام، بس بدنا شوية صبر”.
قال أحد الأشخاص: “صح في كتير مشاكل، بس ما فينا ننكر إنو بعض المناطق صار فيا خدمات أفضل، وإنو في محاولات للتحسين… بدنا نكمل..”.
هؤلاء الأشخاص الذين تم استطلاع أراءهم أشاروا إلى بعض التحسن في الخدمات، لكنهم أقرّوا أيضًا بأن الطريق ما زال طويلاً.
الخلاصة: دمشق تقف عند مفترق طرق:
الصورة التي رسمها الشارع في تعليقاته كانت قاسية وصادقة، تعكس أزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والمؤسسات، لكن في الوقت نفسه، لا تزال بعض الأصوات تتمسك بالأمل، ولو كان ضئيلاً.
في النهاية، ما يحدث في دمشق ليس مجرد “أزمة خدمات”، بل أزمة شاملة تتعلق بالعدالة، بالمعيشة، بالأمان، وبمن يُحاسَب… ومن لا يُحاسَب.
إقرأ أيضاً: البطالة في جبلة.. شباب بلا فرص ومشاريع متوقفة تزيد الأزمة
إقرأ أيضاً: بعد شكوى من نقص عمال النظافة قرار بفصل 78 عاملاً في اللاذقية يثير جدلاً واسعاً