تعتزم السعودية استضافة محادثات سلام بشأن أوكرانيا في الخامس والسادس من أغسطس/آب الجاري، وأثار موضوع غياب روسيا عن هذه المحادثات جدلاً في الأوساط الإعلامية، استدعى رداً من الكرملين.
وأعلنت روسيا في بيان رئاسي مقتضب أنها ستراقب الاجتماع ومجرياته وتتبع أهدافه وما سيجري بحثه هناك، دون أي توضيح لأسباب عدم دعوتها للاجتماع، والذي سيشارك فيه قرابة 30 دولة، منهم الدول الغربية وأوكرانيا والدول النامية الرئيسة، إضافة للهند والبرازيل.
ودعت المملكة العربية السعودية أوكرانيا و30 دولة للاجتماع في جدة، في محاولة لإيجاد حل للخروج من الحرب الروسية الأوكرانية، والتي باتت استنزافاً بشرياً وعسكرياً، لا يعود بالفائدة على أحد إطلاقاً.
وتحاول الرياض فرض دورها من خلال مبادرات سلام بين الطرفين، حيث كانت قد استقبلت في شهر مايو/ أيار، خلال فترة انعقاد القمة العربية، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عدا عن كونها ساهمت في عملية أدت لتبادل الأسرى بين البلدين.
وبدورها، دعمت واشنطن القمة المزمع عقدها في جدة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر.. “نحن بالطبع ندعم هذه القمة، لقد قلنا منذ فترة طويلة أنه من المهم أن تكون أوكرانيا في مقعد القيادة عندما يتعلق الأمر بأي حل دبلوماسي محتمل لهذه الحرب”.
وأعلن “ميلر” أن هناك مسؤولين أمريكيين سيحضرون القمة، وقال.. “من المتوقع أن يحضر مستشار الأمن القومي جيك سوليفان القمة”.
غياب روسيا لا يعني عدم الرضا:
أكد الباحث السياسي “محمد هويدي” في تصريح لـ “داما بوست” أن هذه القمة وما سيجري خلالها ليس بعيداً عن روسيا، ويؤكد “هويدي” وجود تنسيق وتفاهم بين روسيا والسعودية، مؤكداً أن عدم دعوتها لا يعني أن موسكو غير راضية عن الاجتماع أو مستبعدة عنه.
وأشار “هويدي” إلى أن هذا الاجتماع هدفه الاتفاق على نقاط أساسية لتكون منطلقاً للمرحلة القادمة في الحوار الجاد بين موسكو وكييف، مؤكداً أن التنسيق قائم بين الرياض وموسكو.
وأشاد الباحث بالدور السعودي الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، مؤكداً أن هذه المباحثات تتوج الدور الإقليمي والدولي الذي تلعبه الرياض في أغلب الملفات الشائكة، على حد قوله.
وحول احتضان السعودية لهذه المباحثات، يرى “هويدي” أن الرياض تم تفويضها من قبل الغرب والولايات المتحدة كونها الدولة التي تقف على الحياد، مضيفاً.. “السعودية رفضت أن تكون جزءاً من الحرب ورفضت أن تكون جزءاً من التحالف الغربي ضد روسيا”.
وأكد الباحث أن نظرة السعودية للحرب الروسية الأوكرانية هي أنها وصلت لطريق مسدود، ما دفعها لتنظيم مبادرة جديدة تعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا، وتمهد لعقد لقاء بين روسيا وأوكرانيا على أسس إحلال السلام.
وحول الخطوة التالية التي ستلحق انعقاد القمة، يرى “هويدي” أن الخطوة الثانية هو بدء المباحثات مع روسيا في حال كانت مخرجات الاجتماعات إيجابية وتدعو للسلام، ما يرجح أن الخطوة القادمة هي قمة روسية سعودية ومباحثات تفضي لاجتماع بين أوكرانيا وروسيا بجدة سواء بشكل مباشر أو لا، على حد قوله.
قائمة المباحثات التي ستجري في جدة:
قال “هويدي” إن الاجتماع سيتضمن بحث سبل كيفية الخروج من النفق المظلم الذي دخلته روسيا وأوكرانيا، لأن الجميع وصل إلى حافة الهاوية في الحرب الأوكرانية.
وأضاف.. “الغرب أصبح مدركاً أنه لم يستطع الانتصار على روسيا، رغم ما يقدمه لأوكرانيا من دعم لوجيستي ومالي وعسكري واقتصادي، بالتالي الدول الغربية وصلت ولطريق مغلق ولا بد من مقاربة جديدة”.
وبينما يأمل العديد من المسؤولين الغربيين بأن تفضي الجهود لقمة سلام يتفق فيها المشاركون على مبادئ مشتركة تتعلق بوقف الحرب في أوكرانيا، يقول “هويدي” إنه من المبكر الحديث عن إخماد الحرب التي شاركت فيها معظم الدول الغربية والولايات المتحدة، مؤكداً أن الأمور بحاجة إلى وقت طويل ومقاربات جديدة، مشدداً على مراقبة مدى قابلية الدول الغربية بالتوقف عند هذا الحد، بعد إيمانهم بأن النصر على روسيا هو أمر شبه مستحيل، على حد تعبيره.