تفشي الكلاب الضالة في سوريا: خطر متفاقم يتطلب استجابة عاجلة
تتصاعد التحذيرات في سوريا بشأن التنامي المقلق لظاهرة الكلاب الشاردة، والتي أصبحت تشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة المدنيين، وخاصة الأطفال. وتتزايد الشكاوى المحلية حول تكرار حوادث الهجوم والعضّات التي تؤدي إلى إصابات خطيرة، أبرزها داء الكلب. هذا الخطر المتفاقم يعكس إهمالًا مزمنًا ويستدعي تدخلًا فوريًا من الجهات المعنية.
تزايد الإصابات وغياب الإحصائيات الرسمية
على الرغم من عدم توفر إحصائيات رسمية دقيقة، تشير المصادر المحلية والطواقم الطبية في المستشفيات الحكومية إلى تسجيل إصابات شبه يومية نتيجة عضّات الكلاب، خصوصًا في المناطق الريفية والأحياء المتضررة من النزاع. الأسوأ من ذلك، تكررت في السنوات الأخيرة حوادث مأساوية أدت إلى وفاة أطفال بسبب عدم حصولهم على العلاج اللازم في الوقت المناسب أو لتطور الفيروس إلى الجهاز العصبي.
ومن الأمثلة المأساوية التي تبرز خطورة الوضع، وفاة الطفل عبيدة عامر الكفري (7 سنوات) من مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي. تعرض عبيدة لعضة كلب ضال مصاب بداء الكلب، ورغم تلقيه الجرعات الأولية من اللقاح، تدهورت حالته الصحية بشكل سريع وفارق الحياة بعد ظهور أعراض عصبية حادة.
أسباب تفاقم الظاهرة
لم تكن ظاهرة الكلاب الشاردة جديدة في سوريا، لكنها تفاقمت بشكل لافت منذ اندلاع النزاع، وذلك بسبب عدة عوامل رئيسية:
- انتشار القمامة وانهيار إدارة النفايات: ساهم تراكم النفايات في الشوارع وانهيار أنظمة إدارة النفايات في توفير مصدر غذاء دائم للكلاب الضالة.
- الأبنية المدمرة والمهجورة: أصبحت المساحات الشاسعة من الأبنية المدمرة والمهجورة مأوى مثاليًا لهذه الحيوانات، ما يوفر لها بيئة خصبة للتكاثر.
- غياب البرامج الحكومية: أدى غياب برامج التعقيم والتطعيم الرسمية، وانهيار البنى التحتية للقطاع البيطري والصحي، إلى تفاقم الأزمة. الكلاب المصابة بالفيروسات لا تخضع لأي مراقبة صحية، مما يزيد من احتمالية تحولها إلى ناقل مميت للأمراض.
مخاطر صحية قاتلة
يحذر المختصون من أن عضة كلب مصاب بداء الكلب يمكن أن تؤدي إلى وفاة الإنسان إذا لم يتم العلاج بسرعة. فالفيروس يستهدف الجهاز العصبي المركزي ويسبب أعراضًا عصبية حادة مثل التشنجات ورهاب الماء، وينتهي غالبًا بالموت.
إضافة إلى داء الكلب، تشير تقارير طبية إلى أن عضّات الكلاب يمكن أن تؤدي إلى التهابات بكتيرية حادة وخراجات، وقد تتطور إلى تعفن دموي في حال عدم تلقي المصاب المضادات الحيوية فورًا. لذا، يُشدد على ضرورة التوجه الفوري إلى أقرب مركز صحي عقب أي عضة للحصول على اللقاح والعلاج المناسب.
حلول مرفوضة ومبادرات غير كافية
في مواجهة هذه الأزمة، لجأت بعض البلديات سابقًا إلى القتل الجماعي للكلاب والقطط الشاردة، وهي إجراءات أثارت موجة من الغضب الشعبي. واعتبر ناشطون هذه الأساليب قاسية وغير إنسانية، ونظموا احتجاجات في مدن مثل دمشق وطرطوس للمطالبة بحلول بديلة أكثر فعالية وإنسانية.
يطالب المحتجون بتبني حلول مثل توسيع حملات تعقيم الكلاب وتنفيذ برامج تطعيم واسعة النطاق بالتعاون مع المنظمات المختصة. ورغم وجود مبادرات أهلية حاولت التخفيف من الظاهرة عبر حملات توعية أو إنشاء ملاجئ مؤقتة، إلا أن غياب الدعم الحكومي وغياب خطة وطنية متكاملة ما زالا يحولان دون تحقيق نتائج ملموسة.
دعوة للاستجابة العاجلة
يشكل تفاقم ظاهرة الكلاب الضالة في سوريا تحديًا صحيًا وأمنيًا حقيقيًا. لذا، من الضروري أن تتعامل الحكومة السورية الانتقالية، والبلديات المحلية، والمنظمات البيطرية مع هذه المشكلة كأولوية عاجلة. يتطلب الأمر تدخلًا سريعًا يشمل: