داما بوست _ كاترين الطاس| بعد قصة حب استمرت لأكثر من 3 سنوات، لم يتوقع “حسام” و “سمر” أن تنتهي علاقتهما بالانفصال.. فبعد طول انتظار لتحقيق الحلم الموعود بالزواج، صدم حسام بطلب أهل سمر لمهر قدره 7 ليرات ذهبية مقدماً و10 ليرات ذهبية مؤخراً.
يتساءل “حسام” في حديثه لـ “داما بوست”: “كيف يمكن لشاب في مقتبل العمر تأمين مثل هذا المبلغ ونحن نعيش ظروفاً يصعب فيها حتى على ميسوري الحال تأمينه، فما بالك بمن يوصل ليله بنهاره ليستطيع تأمين متطلباته الأساسية (مأكل ومشرب ومواصلات)” .
وبالطبع، حال الثنائي حسام وسمر يمثل شريحة كبيرة من الشباب المقبل على الزواج، فارتفاع المهور مشكلة كبيرة جعلت الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج.
“بريستيج”!
تباينت ردود الفعل على موضوع المغالاة في المهور، فمنهم من رحّب بهذه الفكرة خاصة أن سعر صرف الليرة السورية انخفض في السنوات الأخيرة بالنسبة للدولار الأمريكي، معتبرين أن هذا أضمن لحق الزوجة، بينما رأى آخرون أن المغالاة في المهور من شأنها أن تدفع الشباب للعزوف عن الزواج، خاصة في ظل تردي الظروف المعيشية.
ولا شك، أن أحد أسباب المبالغة بالمهور، هو حب الظهور أو “البريستيج”، فالمهر الغالي يعني أنّ العريس ثري، وأنّ الزّواج “رابح”، وكأنّ المسألة عبارة عن معادلة تجارية بحتة.. ولا نعمّم، لكن واقع الحال يشير إلى أن العريس الثري تُفتح أمامه الطرق بسهولة، فهو وفق المفهوم الشعبي “عريس لقطة”.
أنواع المهور
تحدث القاضي “محمد عروس” في تصريح خاص لـ “داما بوست” عن تعريف المهر وأهميته، قائلاً: “المهر هو مبلغ من المال يدفعه الرجل للمرأة التي ينوي الزواج بها، وقد فرض المهر في الدين وجعل حقاً للمرأة، فهو يعتبر تكريماً لها، ويستحق لها بمجرد العقد الصحيح والدخول الحقيقي بها، والمهر المؤخر التي تستحقه المرأة في حالة أبعد الأجلين سواء كان الطلاق أو الوفاة”.
ولفت القاضي إلى أن للمهر نوعان، أحدهما: “المهر المسمى”، وهو ما سمى عند العقد تسمية صحيحة وتراضى عليها الزوجان، أي هو المقدار المتفق عليه عند كتب الكتاب، وثانيهما: “مهر المثل”، في حالة عدم التسمية، يُقدَّر المهر بالمماثلة، أي في الجمال، والسن، والبكارة، والثيوبة، والخلو من الولد، والخلق، والعقل، والعلم، والتدين، والمال.
هل يمكن تعديل المهر؟
أكد القاضي أنه يحق للزوج أو الزوجة تعديل المهر، بشرط أن يتم الأمر برضا الطرفين وبموافقتهما التامة دون خصومة، وذلك من خلال تقديم طلب إداري إلى القاضي الشرعي، الذي يحول الطلب إلى الديوان، ثم تُكتب ورقة تعديل المهر على أصل عقد الزواج القديم في المحكمة.
وتابع القاضي حديثه: “لقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 54 في قانون الأحوال الشخصية الجديد على أنه (عند استيفاء المهر كلاً أو بعضاً تكون العبرة للقوة الشرائية للمَهر وقت عقد الزواج على ألا يتجاوز مهر المثل يوم الاستحقاق ما لم يكن هناك شرط أو عرف خلاف ذلك)، أما بخصوص تعديل المهر بدعاوى التفريق يكون بناء على طلب الزوجة باستدعاء الدعوى عند تقديمها أو بطلب عارض فيما إذا كانت مقامة سابقاً”.
المهر بالذهب
وأشار القاضي إلى أنه نظراً لغموض نص المادة التي تتناول تعديل المَهر جرى العرف أن يتم سؤال جمعية الصاغة عن سعر غرام الذهب بتاريخ عقد الزواج وعن سعره بتاريخ إقامة الدعوى أو مراسلة مصرف سورية المركزي لبيان القيمة الشرائية لليرة السورية بتاريخ عقد الزواج وبيان قيمتها عند إقامة الدعوى، ولكن الفقرة اشترطت عدم تجاوز المَهر الجديد لمهر المثل، فيكون المَهر التي تستحقه المرأة هو المَهر السائد عند إقامة الدعوى.
دمشق وحلب يتصدران بأعلى المهور
أما بخصوص أكثر المحافظات تسجيلاً للمهور العالية، قال القاضي: “لا فرق بين محافظة وأخرى، فقيمة المَهر لا ترتبط بمكان معين وإنما باتفاق الطرفين عليه”، لافتاً إلى أنه غالباً تكون المهور العالية في مدينتي دمشق وحلب.
وأضاف: “القانون لم يضع حد لأقل المهر ولا لأكثره، فالمهور تتراوح بين 5 و10 ليرات، مقسّمة بين مقدم ومؤخر”، مردفاً: “مع ذلك شهدنا تسجيلات بليرة ذهبية مقدم وليرة مؤخر ومليون مقدم ومليون مؤخر”، فهذا يرجع لحرية كل شخص.
“جنسية” العريس تتحكم بالمهر!
وتحدث القاضي لـ “داما بوست” عن ظاهرة منتشرة خلال الآونة الأخيرة وهي زواج السوريات من شباب عرب وخاصة من دول الخليج، وهنا يطلب أهل الفتاة مهراً عالياً جداً.
وأشار القاضي إلى أن جنسية الشاب تلعب دوراً كبيراً في تحديد المَهر، فالسعودي يتصدر القائمة كأعلى مَهر، يليه الإماراتي والأردني والعماني، وآخر القائمة العراقي واللبناني.
وأكمل القاضي: “في عام 2021 سجلت 25 ليرة ذهبية مقدم ومثلها مؤخر مهراً لفتاة في مدينة طرطوس، وحينها كان الزوج سعودي”.
وهكذا، ما بين انهيار قيمة العملة السورية، وقلق أهالي الفتيات، وقصص الزواج الفاشلة التي يسمعونها كل يوم، تزداد المبررات لديهم لرفع المهور، ما دفع كثير من الشباب إما للعزوف عن الزواج أو للهجرة!