أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير قصي الضحاك، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية يتحملان مسؤولية الاعتداءات على بلاده وتبعاتها على السلم والأمن الإقليميين والدوليين، مشيراً إلى ضرورة منع تكرارها ومساءلة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وفي بيان له، أمس، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن حول التهديدات للسلم والأمن الدوليين، قال الضحاك: “في حلقة أخرى من سلسلة متواصلة من الاعتداءات الإسرائيلية على بلادي، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عند الساعة الخامسة من عصر الإثنين عدواناً همجياً برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفة مبنى القنصلية الإيرانية في حي المزة بدمشق، ما أدى إلى تدمير البناء بكامله واستشهاد وإصابة كل من بداخله من سوريين وإيرانيين، إضافة إلى عدد من المارة في تلك المنطقة”.
وأضاف الضحاك: “أن مبنى القنصلية الإيرانية المستهدف يقع في منطقة مكتظة بالمدنيين، ويبعد أمتاراً قليلة عن مقار بعثات دبلوماسية أجنبية ومنظمات دولية بما فيها برنامج الأغذية العالمي، إضافة إلى مشفى خاص وكليات تابعة لجامعة دمشق، وعدد من المصارف والشركات الخاصة، كما يعبر هذه المنطقة الحيوية يومياً آلاف المدنيين باعتبارها شرياناً أساسياً للتنقل في المدينة، وأن عدداً من هؤلاء تعرضوا لإصابات بالغة جراء العدوان الإرهابي الذي يشكل سابقة خطيرة وانتهاكاً جسيماً للمواثيق والأعراف الدولية التي تكفل حماية المقار الدبلوماسية والعاملين فيها وحصانتها وحظر أي اعتداءات عليها، بما في ذلك اتفاقيتا فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، واتفاقية منع الجرائم بحق الأشخاص المحميين دولياً بمن فيهم الطواقم الدبلوماسية، والمعاقبة عليها”.
وتابع: “هذه الاعتداءات الهيستيرية طالت أيضاً على مدى الأيام الماضية مباني ومنشآت مدنية في ريف دمشق، وعدداً من المناطق في ريف حلب ودير الزور، وأسفرت عن استشهاد وإصابة عدد من المدنيين والعسكريين ووقوع خسائر مادية بالممتلكات العامة والخاصة، وذلك في انتهاك سافر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومبادئ ومقاصد الأمم المتحدة، حيث تزامنت تلك الاعتداءات مع هجمات شنتها التنظيمات الإرهابية المنتشرة في شمال غرب سوريا باستخدام الطيران المسير ضد المدنيين في مدينة حلب وريفها، واعتداءات نفذها تنظيم (داعش) الإرهابي في شرق سوريا، تؤكد مجدداً التنسيق القائم والمستمر وتوزيع الأدوار بين الاحتلال الإسرائيلي وأدواته من الإرهابيين”.
وأردف: “أن الاحتلال الإسرائيلي ما كان ليقدم على هذا العدوان على مقر دبلوماسي محمي بموجب القانون الدولي، وعلى غيره من الأعيان المدنية من مطارات وموانئ وأحياء سكنية، لولا الدعم الأمريكي الأعمى الذي وفر له على مدى عقود الحماية للإفلات من العقاب، ومكنه من ارتكاب أبشع الفظائع، وآخرها جريمة الإبادة الجماعية والجرائم الوحشية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني منذ ستة أشهر، حيث سارعت الإدارة الأمريكية بعد اعتماد مجلس الأمن القرار 2728 للزعم بأنه غير ملزم ولا يفرض أي التزامات جديدة، لتعفي “إسرائيل” من تطبيقه ووقف إطلاق النار، وذلك في استهتار سافر بدماء 33 ألف شهيد من أبناء الشعب الفلسطيني جلهم من النساء والأطفال، وأكثر من 173 من طواقم الأونروا والعشرات غيرهم من طواقم المنظمات الإنسانية الأخرى، وأعداد من الصحفيين، ودمار آلاف الأبنية السكنية، ودور العبادة، والمنشآت الصحية والتعليمية، بما فيها مقار عائدة للأمم المتحدة”.
وشدّد الضحاك على أن سوريا تحمل مجرمي الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وشركاءهم في الإدارة الأمريكية، المسؤولية الكاملة عن تلك الاعتداءات وتبعاتها على السلم والأمن الإقليميين والدوليين، وعن الدفع بالمنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من التصعيد وعدم الاستقرار، وتحذرها من مغبة التمادي في هذه الاعتداءات والسياسات الرعناء، كما تطالب سوريا الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها الأساسية في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والتحرك بشكل فوري لوضع حد لها ومنع تكرارها ومساءلة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
ونوّه مندوب سوريا إلى أن إخفاق مجلس الأمن في النهوض بمسؤولياته جراء الدور المعرقل للولايات المتحدة يقوض نظام الأمن الجماعي الذي قامت عليه منظمة الأمم المتحدة، ويدفع الدول الأعضاء فيها للاعتقاد بعدم جدوى التعويل على قوة القانون والشرعية الدولية لاستعادة حقوقها، مؤكداً مجدداً أن هذه الاعتداءات لن تثني سوريا عن خياراتها الوطنية ومواقفها الراسخة الداعمة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وسعيها لاستعادة الجولان السوري المحتل كاملاً حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، وتحرير كامل أراضيها من الوجود العسكري غير الشرعي وأدواته من التنظيمات الإرهابية بالسبل التي يكفلها القانون الدولي.