عدوان واشنطن شرق سوريا.. ماذا حقق؟!
داما بوست – خاص
المساحة الجغرافية التي كانت مسرحاً للعدوان الأمريكي ليل أمس الجمعة، هي منطقة عمليات ضد بقايا تنظيم “داعش”، التي تتمركز بشكل أساسي في الأطراف الشمالية لمنطقة خفض التصعيد المحيطة ببلدة التنف الحدودية، والتي تعرف باسم “منطقة الـ ٥٥ كم”، وكان لافتاً أن يكون ثمة تحرك لخلايا تنظيم “داعش” في محيط “جبل البشري”، بريف دير الزور الغربي بالتزامن مع العدوان الأمريكي، ما يذكر بسيناريو مشابه وقع بداية العام ٢٠١٧، حينما شنت قوات الاحتلال الأمريكي غارات متعددة على منطقة “جبل الثردة”، جنوبي مدينة دير الزور شرق سوريا ليبدأ تنظيم “داعش” هجومه على المدينة التي كانت محاصرة آنذاك، ويتمكن من السيطرة على منطقة المقابر، وفصل الجزء المحاصر من المدينة إلى جزأين.
العدوان الأمريكي استمر لمدة ١٢٠ دقيقة، الغارة الأولى كانت على المزارع المحيطة بمقام “عين علي”، عند الساعة ١١:٠٠ مساءً، والأخيرة كانت على نقطة بالقرب من “دوار البلعوم”، في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، وطال مجموعة كبيرة من النقاط في سورية والعراق بشكل متزامن، وترافق بتحرك طيران مسير فوق جيب “القرى السبع”، التي تسيطر عليها الدولة السورية شرق نهر الفرات، وفي الساعة ١٢:٠٠ منتصف الليل رصدت وحدات الجيش السوري تحركات لتنظيم “داعش” في محيط “جبل البشري”، غرب دير الزور، ليتم التعامل معها بنيران المدفعية والرشاشات الثقيلة، ولم يصدر حتى الآن إحصائية رسمية عن حصيلة الشهداء والجرحى نتيجة العدوان.
الرد على العدوان كان برشقتين صاروخيتين أطلقتهما المقاومة مستهدفة قاعدة الاحتلال الأمريكي في حقل كونيكو، وسبقه عملية للمقاومة استهدفت المدينة العمالية في حقل العمر بثلاث طائرات مسيرة، وهي النقطة التي تعرف باسم “القرية الخضراء”، وهذا يؤكد من جهة على إن قدرات المقاومة لم تتأثر بالعدوان الأمريكي الذي تقول واشنطن إنه طال ٨٥ نقطة في سوريا والعراق، ومع احتمال أن تنفذ المقاومة عمليات خلال الساعات القادمة سيعد تأكيداً على إن واشنطن لن تقوى على توسيع حرب في المنطقة الشرقية، وذلك لأن وجود قواعدها يعد نقطة ضعف لا قوة، فأي خسارة بشرية ستؤثر على الإدارة الأمريكية سياسياً، وزيادة الضغوط الداخلية لسحب قوات أمريكا من سورية والعراق، وهذا ما لاتتمناه واشنطن بأي حال من الأحوال.
منذ بداية عمليات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأمريكي في سوريا والعراق، عادت خلايا “داعش” للتحرك في مناطق البادية السورية لتشن هجمات تنطلق فيها من شمال قاعدة الاحتلال الأمريكي في التنف، وبحسب معلومات توفرها مصادر ميدانية، فإن كل تحرك للتنظيم يترافق بموجات تشويش مصدرها قاعدة التنف على أجهزة الاتصال العسكرية والمدنية في البادية السورية، وكان لتحرك قسد في مناطق الشريط الحدودي في المنطقة الممتدة بين معبر اليعربية بريف الحسكة الشرقي، وصولا للأطراف الشمالية لبلدة الباغوز فوقاني شرق دير الزور، تأكيدا على الدور الوظيفي لكل من بقايا “داعش”، و”قسد”، في الآن ذاته لصالح قوات الاحتلال الأمريكي التي تبرر وجودها في سوريا أساساً بالحرب على “داعش”.
بالعودة لخارطة العدوان الأمريكي، يبدو جلياً أن الهدف لا ينحصر بالرد على العملية التي استهدفت قوات الاحتلال في شمال الأردن، بل محاولة لإضعاف القدرات العسكرية للقوات الرديفة للجيش السوري، ما قد يسهل عمليات تنظيم “داعش”، ولعب إعطاء التنظيم الفرصة في إعادة تشكيل نفسه شرق دير الزور ودفعه لمهاجمة مدينة البوكمال الحدودية مع العراق قد يكون هدفاً أمريكياً استراتيجياً خلال المرحلة القادمة، يحقق عملية إلهاء للجيش السوري وحلفاءه من جهة، ومبرر لاستمرار الوجود الأمريكي في شرق سوريا وبلدة التنف لفترة أطول، وتفترض واشنطن أن التنظيم قد يكون قادراً على السيطرة على البوكمال وبالتالي قطع الطريق البرية بين سوريا والعراق، وهذا ما سيخلق مبرر لواشنطن لمهاجمة البوكمال بدعم دولي بحجة القضاء على “داعش”، وبالتالي الإمساك بالشريط الحدود المشترك بين سوريا والعراق، لكن هذه الاحتمالات مستحيلة وفقاً لمعطيات الميدان.