تصاعد الجدل حول المناهج التعليمية في شمال شرق سوريا

يتسع نطاق الاعتراض الشعبي في شمال شرقي سوريا على قرار الإدارة الذاتية بفرض مناهجها التعليمية ومنع تدريس مناهج وزارة التربية السورية، حيث تلاقت مواقف المجلس الوطني الكردي مع العشائر العربية والكنائس المحلية في رفض القرار، محذرين من انعكاساته الخطيرة على مستقبل التعليم والاستقرار الاجتماعي في المنطقة.

دعوة المجلس الوطني الكردي

خلال اجتماع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ومسؤولي حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، طالب المجلس الوطني الكردي بمنح الأهالي والطلاب حرية اختيار المنهاج الدراسي، سواء مناهج الدولة السورية أو مناهج الإدارة الذاتية.
وأكد مصدر في المجلس، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن المسؤولين شددوا على ضرورة التراجع عن القرار وإعادة فتح فرع جامعة الفرات أمام الطلبة الجدد، لافتاً إلى أن “القرار من شأنه دفع آلاف العائلات إلى النزوح نحو محافظات الداخل لضمان استمرار تعليم أبنائهم، لا سيما طلاب الشهادات والجامعات”.

وأوضح المصدر أن مظلوم عبدي أبدى تفهماً للمطالب، ووعد ببحث الموضوع مع مسؤولي الإدارة الذاتية وهيئة التربية لإيجاد صيغة تضمن استمرار العملية التعليمية دون إقصاء لأي طرف.

موقف العشائر والكنائس

رفض شيوخ ووجهاء عشائر عربية في الحسكة خلال اجتماع عقد بمدينة القامشلي محاولات “هيئة التربية” كسب دعمهم لقرار فرض المناهج الجديدة، وأكدوا تمسكهم بالمناهج الحكومية المعتمدة، معتبرين أن فرض المناهج الأحادية يقوّض الاستقرار ويزيد الاحتقان المجتمعي.

كما أصدرت أبرشية الجزيرة التابعة لكنيسة الاتحاد المسيحي الإنجيلية رسالة إلى مظلوم عبدي، حذرت فيها من “نتائج قاسية” على مستقبل عشرات آلاف الطلاب، مؤكدة أن المناهج السورية “معتمدة دولياً ولا ترتبط بأي نظام سياسي بعينه”. ودعت الأبرشية إلى التراجع عن الاستيلاء على مبنى جامعة الفرات في دير الزور، مشيرة إلى أن القرار سيدفع الطلاب إلى الدراسة خارج المحافظة بما يحمله ذلك من أعباء مادية ومعيشية إضافية.

قرارات متصاعدة للإدارة الذاتية

وكانت هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية قد أصدرت مطلع أيلول/سبتمبر الجاري قراراً يمنع تدريس مناهج الدولة السورية في مناطق سيطرتها، وشمل أكثر من 100 مدرسة حكومية وخاصة وكنسية في الحسكة والرقة ودير الزور. كما أبلغت إدارات فرع جامعة الفرات بتسليم مقرات الكليات إلى سلطتها التعليمية.

وبحسب إداريين محليين، فإن القرار جاء ليكمل إجراءات سابقة بدأت عام 2022 حين منعت الإدارة الذاتية تدريس مناهج الدولة تحت طائلة الغرامة والسجن، قبل أن تسمح حينها، بشكل محدود، لبعض المدارس والمعاهد الخاصة في الحسكة والقامشلي بالاستمرار بتدريس تلك المناهج تحت ضغط الأهالي.

مخاوف من تفاقم الأزمة التعليمية

تصاعدت المخاوف من أن يؤدي قرار الإدارة الذاتية إلى إضعاف فرص الطلاب في متابعة تعليمهم الجامعي، وإجبار العائلات على البحث عن بدائل خارج مناطق سيطرة “قسد”. وبينما تصف الإدارة قرارها بأنه جزء من “ترسيخ هوية تعليمية محلية”، ترى الأطراف الرافضة أنه خطوة أحادية الجانب تهدد مستقبل أجيال كاملة وتزيد التوتر بين المكونات.

في ظل هذا التجاذب، يبرز السؤال: هل ستقدم الإدارة الذاتية على مراجعة قرارها تحت الضغط الشعبي والسياسي، أم أن المنطقة ستدخل في أزمة تعليمية جديدة تضاف إلى أزماتها الاقتصادية والأمنية؟

اقرأ أيضاً:الإدارة الذاتية تُلغِي تدريس المناهج الصادرة عن الحكومة السورية الانتقالية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.