انتخابات مجلس الشعب في سوريا.. أول استحقاق بعد الأسد يثير جدلاً سياسياً وقانونياً

تشهد سوريا الأحد المقبل انتخابات مجلس الشعب، في أول عملية انتخابية بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسط جدل سياسي وقانوني واسع حول آلية اختيار الأعضاء، ومدى قدرة المجلس المقبل على لعب دور محوري في المرحلة الانتقالية وسد الفراغ التشريعي القائم.

وبدأ 1578 مرشحاً حملاتهم الدعائية التي تنتهي الجمعة، استعداداً لانتخابات تجرى في 13 محافظة سورية، فيما تستثنى محافظة السويداء بسبب الظروف الأمنية. وبحسب رئيس اللجنة العليا للانتخابات محمد طه الأحمد، فإن النساء يشكلن 14% من عدد المرشحين، على أن يبدأ الاقتراع الساعة التاسعة صباحاً وتبدأ عمليات الفرز عند الرابعة عصراً من اليوم نفسه.

أهمية خاصة للانتخابات

تُعدّ هذه الانتخابات الأولى منذ سقوط النظام السابق، ما يمنحها أهمية مضاعفة كونها تمهّد لتشكيل مجلس سيضطلع بمهام تشريعية خلال المرحلة الانتقالية، أبرزها تنظيم القوانين، وإعداد دستور دائم، وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.
وتبرر السلطة الانتقالية إجراء الانتخابات عبر لجان ناخبة بدلاً من الاقتراع المباشر، بسبب غياب قاعدة بيانات متكاملة للناخبين. وتُناط بهذه اللجان مهمة اختيار ثلثي أعضاء المجلس (140 عضواً من أصل 210)، بينما يعيّن رئيس الجمهورية الانتقالي الثلث الباقي (70 عضواً) بهدف تعزيز تمثيل النساء والأقليات والمناطق الخارجة عن السيطرة الحكومية.

الأساس الدستوري والمهام

يستند هذا الاستحقاق إلى الإعلان الدستوري الصادر في مارس/آذار الماضي، الذي منح مجلس الشعب صلاحية ممارسة السلطة التشريعية حتى اعتماد دستور دائم. وحدد الإعلان ولاية المجلس بثلاثين شهراً قابلة للتجديد، مع صلاحيات تشمل سنّ القوانين وتعديلها أو إلغائها، إقرار الموازنات والمعاهدات الدولية، إصدار العفو العام، إلى جانب الرقابة على عمل الحكومة عبر جلسات الاستماع للوزراء.

غياب الطابع الحزبي وانتقادات للإقصاء

تجري العملية الانتخابية بغياب الصبغة الحزبية، حيث إن غالبية المرشحين واللجان الناخبة من المستقلين، في ظل غياب القوى السياسية التقليدية والجديدة على حد سواء. لكن العملية تواجه انتقادات واسعة، خاصة بشأن طريقة اختيار اللجان الناخبة وآلية النظر في الطعون بحق بعض المرشحين.

ففي محافظة القنيطرة، أعلن سبعة أعضاء من الهيئة الناخبة انسحابهم احتجاجاً على ما وصفوه بـ”تزوير إرادة الأهالي” بعد إقصاء شخصيات محسوبة على الثورة. وقال المرشح المستبعد ممدوح الطحان إنه لم يُمنح حق الاطلاع على طبيعة الطعون المقدمة بحقه، معتبراً أن الطعون “أداة إقصاء سياسي” تستهدف مرشحين بارزين. وفي ريف حلب الشمالي الشرقي، أكد المرشح المستبعد مصطفى حامد أن استبعاده جاء في إطار “محاصصات مناطقية وتفاهمات شخصية”.

رد لجنة الانتخابات

من جهته، أوضح المتحدث باسم لجنة الانتخابات نوار نجمة أن النظام الانتخابي المؤقت يضع معايير واضحة للترشح، من بينها بلوغ الخامسة والعشرين من العمر، الحصول على الشهادة الثانوية على الأقل، حسن السيرة والسلوك، وعدم صدور أحكام جنائية أو جرائم مخلة بالشرف، مع استثناء القضايا ذات الطابع السياسي أو الأمني. وأضاف أن النظام يمنع ترشح من كانوا أعضاء في مجلس الشعب بعد 2011، إلا إذا أثبتوا انشقاقهم، كما يمنع داعمي النظام السابق أو التنظيمات المسلحة.

تحديات المرحلة المقبلة

ويرى الباحث في قضايا الحوكمة زيدون الزعبي أن المجلس المقبل سيواجه “عملاً هائلاً لن يكون سهلاً” بسبب حجم القوانين المطلوب تعديلها أو إلغاؤها، والتكيف مع طبيعة النظام الرئاسي الجديد، إلى جانب الإصلاحات القانونية الضرورية.

أما الباحث السياسي محمد السكري، فاعتبر أن إنتاج حالة سياسية برلمانية صحية “سيكون صعباً في ظل غياب المجتمعات السياسية والمدنية الطبيعية”، محذراً من أن المحسوبيات والتحالفات الأيديولوجية قد تفتح الباب أمام صراعات داخل البرلمان. وأكد أن “المطلوب التعامل مع المجلس بوصفه مجلساً تشريعياً انتقالياً رديفاً للحكومة، لا كبرلمان طبيعي كامل الصلاحيات”.

وبينما تراهن السلطة الانتقالية على هذه الانتخابات باعتبارها خطوة أساسية لترسيخ الشرعية وبناء المؤسسات، يبقى المشهد مثقلاً بالشكوك والاعتراضات حول طبيعة العملية الانتخابية، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة المجلس المرتقب على أداء مهامه والوفاء بمتطلبات المرحلة الانتقالية.

اقرأ أيضاً:مقتل مرشح مجلس الشعب حيدر شاهين رمياً بالرصاص في طرطوس

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.