مجلس عشائر “الهفيركا” الكردية في الحسكة.. محاولة لتوازن جديد مع العشائر العربية
شهد ريف الحسكة خلال الأيام الماضية حدثاً لافتاً تمثل في الإعلان عن تأسيس المجلس الأعلى لعشائر “الهفيركا” الكردية، وذلك في لقاء موسع احتضنه منتجع “شتو”، بحضور شيوخ ووجهاء عشائر عربية وكردية، إلى جانب ممثلين عن مكونات مجتمعية أخرى وقوى سياسية سورية.
اللقاء، الذي جرى برعاية هيئة الأعيان والعشائر ودعم من القيادي في “حزب العمال الكردستاني هفال همبر، حظي بغطاء سياسي ومجتمعي أضفى على المجلس صفة رسمية، وأكسبه ثقلاً داخل الأوساط العشائرية.
أهداف وتوجهات المجلس
أعلن اتحاد عشائر الهفيركا، الذي يضم 24 عشيرة، عن تشكيل مجلسه الأعلى، مؤكداً على أهمية الدور العشائري في مواجهة التحديات الراهنة، وحماية النسيج الاجتماعي، وتكريس وحدة الصف الوطني في الحسكة وريفها.
اللقاء تضمن نقاشات موسعة حول تنظيم عمل المجلس، وهيكليته، وآليات تطويره ليشمل عشائر كردية أخرى في مختلف المناطق. كما تقرر تشكيل لجان فرعية تُعنى بملفات حيوية أبرزها حماية الاستقرار، التنسيق مع القوى الوطنية، المساهمة في جهود المصالحة الداخلية، وبناء علاقات متوازنة مع المكونات العربية والكردية والمسيحية.
ولم يقتصر الحدث على الطابع الرمزي، بل تطرق المشاركون إلى وضع خطط عملية لتعزيز التواصل مع المجالس العشائرية في الرقة ودير الزور وحلب، إضافةً إلى برامج لإعداد الكوادر الشابة داخل العشائر، بغرض إشراكهم في صنع القرار وضمان استمرارية المجلس.
بين التماسك الداخلي والتحديات السياسية
ركز المجتمعون على أهمية تعزيز التماسك بين عشائر الهفيركا، وتخفيف حدة التوتر بين العرب والأكراد في الحسكة وريفها، معتبرين هذه الخطوة مدخلاً ضرورياً للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مرحلة انتقالية معقدة، تتقاطع فيها مصالح قوى محلية وإقليمية ودولية.
إلى جانب ذلك، يطرح تأسيس المجلس تساؤلات حول حدود استقلاليته عن القوى السياسية والعسكرية النافذة، وإمكانية تحوله إلى كيان موازٍ للعشائر العربية أو أداة ضمن صراعات أكبر. نجاح المجلس يبقى رهناً بقدرته على إيجاد توازن بين الهوية العشائرية الكردية، والابتعاد عن الارتهان لطرف سياسي أو عسكري بعينه.
أبعاد محلية ووطنية
محلياً، يُنتظر أن يلعب المجلس دوراً في تعزيز الاستقرار والتماسك المجتمعي، وموازنة العلاقات بين المكونات المختلفة، بما يهيئ بيئة أكثر ملاءمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما يُعوّل عليه في متابعة التحديات الأمنية والاقتصادية، والمشاركة في صياغة حلول عملية تراعي مصالح السكان.
أما وطنياً، فيُنظر إلى المجلس باعتباره ورقة ضغط جديدة لدعم مشاركة العشائر الكردية في العملية السياسية، على غرار دور العشائر العربية، لا سيما إذا نجح في بناء شبكة علاقات متينة مع المجالس العشائرية الأخرى. هذا قد يتيح له المشاركة في الحوار الوطني وتمثيل العشائر في الاجتماعات الرسمية، بما يضمن حضوراً أوسع في صياغة مستقبل سوريا.
بهذا، يمثل تأسيس المجلس الأعلى لعشائر الهفيركا خطوة سياسية ومجتمعية جديدة، تحمل في طياتها إمكانات كبيرة لتقوية دور العشائر الكردية في الجزيرة السورية، لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام تساؤلات عن موقعه في خريطة التوازنات المحلية والإقليمية.
اقرأ أيضاً:رسالة مظلوم عبدي إلى الحكومة البريطانية: قسد تضغط لتفعيل اتفاق 10 آذار