جفاف الفرات يهدد حياة المزارعين شمال سوريا.. معاناة تمتد على طول مجرى النهر
شح المياه يدفع المزارعين لحفر سواقي يدوية بطول 1500 متر في ريف الطبقة:
في قرية الطويحنة الواقعة شمال غرب مدينة الطبقة في محافظة الرقة شمالي سوريا، يحفر المزارع إبراهيم الحرير بيديه سواقي بدائية تمتد لأكثر من 1500 متر، في محاولة يائسة لجلب مياه نهر الفرات إلى أرضه التي باتت مهددة بالجفاف الكامل بسبب تراجع منسوب المياه بشكل غير مسبوق.
جفاف غير مسبوق في نهر الفرات يهدد الزراعة في سوريا:
يُجسد إبراهيم، وهو مزارع يبلغ من العمر 43 عامًا، معاناة آلاف المزارعين السوريين على ضفاف نهر الفرات، حيث أصبح الوصول إلى المياه مهمة يومية شاقة، مع تراجع المياه لمسافات تزيد عن كيلومتر ونصف مقارنة بالأعوام الماضية.
وقال إبراهيم في حديثه لموقع “نورث برس”: “كنا نستخدم مضخات صغيرة عندما كانت المياه قريبة، أما اليوم فنحفر السواقي حتى تصل المياه للمضخات، ومنها إلى الحقول. لكن مع كل يوم، تبتعد المياه أكثر”.
وأضاف أن تكلفة الزراعة أصبحت لا تُحتمل، بين شراء المازوت والخراطيم وألواح الطاقة الشمسية، مشيرًا إلى أن المنطقة التي كانت تغمرها المياه سابقًا، تحولت اليوم إلى صحراء قاحلة.
الطاقة الشمسية بديل مكلف أمام أزمة المياه:
مع تفاقم أزمة المياه، اضطر المزارعون إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية لتقليل تكلفة تشغيل مضخات المياه، رغم أن تركيب الألواح الشمسية في أماكن كانت قبل عامين تُستخدم للصيد، يعكس مدى الجفاف الذي أصاب بحيرة الفرات.
شحادة الخليل.. سبعيني يقاتل الجفاف بعكازيه:
على أرض متشققة وجافة، يقف شحادة الخليل، رجل في السبعين من عمره، يتابع تركيب ألواح الطاقة الشمسية على بعد أكثر من كيلومتر من حقله، بعدما ابتعدت البحيرة مئات الأمتار عن أراضيه المزروعة بأشجار الزيتون.
قال الخليل: “منذ بناء السد لم أرَ جفافًا كهذا. الأرض التي كنت أزرعها بمحاذاة المياه أصبحت بعيدة جدًا. لجأت إلى الاستدانة لتركيب الألواح الشمسية حتى أتمكن من ري أشجاري.”
تراجع مخزون بحيرة الفرات يهدد الأمن المائي في سوريا:
بحسب تصريحات عماد عبيد، مسؤول في سد الفرات، فإن منسوب البحيرة وصل إلى ما يُعرف بـ”المنسوب الميت” عند 296 مترًا فوق سطح البحر، أي ما دون الحد الأدنى لتشغيل محطات التوليد. وأضاف أن المخزون الاحتياطي في بحيرة الفرات مفقود فعليًا، والمياه المتبقية تُحسب بالسنتيمترات فقط.
وقال عبيد إن:
الحد الأعظمي للبحيرة هو 304 أمتار
الوارد المائي الحالي لا يتجاوز 250 متر مكعب في الثانية
الفاقد بسبب التبخر يبلغ 85 مترًا مكعبًا في الثانية
حجم الفقد الكلي للمخزون يقارب 7 مليارات متر مكعب من أصل 14 مليار
أزمة الفرات: بين الجفاف وسياسة تركيا المائية:
يتّهم مزارعون ومسؤولون سوريون تركيا بحجز كميات كبيرة من مياه نهر الفرات، ما يؤدي إلى تراجع حاد في الوارد المائي نحو سوريا. ومع تفاقم أزمة التغير المناخي، تزداد الضغوط على القطاع الزراعي في الشمال السوري، الذي يعتمد بشكل أساسي على مياه النهر لري الحقول وتأمين الغذاء المحلي.
إقرأ أيضاً: جفاف نهر العاصي في سهل الغاب يهدد الحياة البيئية والاقتصادية شمال غرب سوريا
إقرأ أيضاً: تضرر أكثر من 60% من البنية التحتية لقطاع المياه في سوريا