تصعيد “إسرائيل” في الجنوب… تساؤلات حول الموقف السوري

لم تعد غارات الاحتلال الإسرائيلي على سورية حدثاً استثنائياً أو طارئاً، بل تحولت إلى سياسة ثابتة، تتراوح حدتها بين فترة وأخرى. ومع أن النقاش في تفاصيل تلك الهجمات أو توقيتها قد يبدو ثانوياً، إلا أن التطورات الأخيرة تحمل أبعاداً جديدة أثارت نقاشاً سياسياً واسعاً.

فالهجوم قرب دمشق لم يقتصر على قصف مواقع عسكرية، بل شهد للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد عملية إنزال جوي قرب جبل المانع جنوب دمشق، على مسافة لا تتجاوز 35 كيلومتراً من العاصمة. وتفيد روايات سورية وعربية ودولية بأن قوات الجيش السوري اكتشفت أجهزة تنصّت مموهة في المنطقة قبل دقائق من بدء الهجمات الجوية، الأمر الذي استتبع إنزالاً إسرائيلياً لمنع الجيش من الاستيلاء عليها.

هذا التطور يشير إلى مرحلة متقدمة من الحرب الاستخبارية التي تديرها إسرائيل داخل العمق السوري. لكن ما يلفت الانتباه ليس فقط طبيعة العملية بحد ذاتها، بل غياب أي رد عسكري سوري، سواء في مواجهة الطائرات والصواريخ، أو حتى ضد الجنود الإسرائيليين الذين نفذوا العملية على الأرض.

تفسير هذا الغياب يرتبط – بحسب متابعين – بسياسة المهادنة التي ينتهجها الرئيس أحمد الشرع تجاه “إسرائيل”، في مسعى لإحداث تغيير في مقاربة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه سورية. غير أن تجارب المنطقة، سواء في فلسطين أو لبنان أو سورية نفسها، توحي بأن هذه السياسة قد تحمل مخاطر استراتيجية، إذ يُنظر إليها على أنها رسالة ضعف أكثر من كونها بادرة حسن نية.

ويرى محللون أن عملية الإنزال كانت فرصة مهدورة للجانب السوري لتوجيه رسالة ردع واضحة، خصوصاً في ظل حساسية التوقيت. فالهجوم الإسرائيلي الأخير ترافق مع مسار تفاوضي غير مباشر بين دمشق وتل أبيب، تُوّج بلقاء جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في باريس، ما أضاف بعداً سياسياً جديداً إلى المشهد.

وبينما تواصل “إسرائيل” التأكيد على أنها “تحمي الدروز” في المنطقة، تزداد المخاوف من أن استمرار نهج التهدئة السوري سيُترجم مزيداً من الغطرسة الإسرائيلية على الأرض. في المقابل، يلفت مراقبون إلى التناقض بين المرونة المعلنة تجاه العدو الخارجي، وبين التشدد الذي تبديه السلطات السورية في الداخل، ما يثير أسئلة أعمق حول طبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد ومسار تعافيها.

اقرأ أيضاً:مسؤول اسرائيلي: التفاهم مع دمشق أقرب من بيروت

اقرأ أيضا:دستور من رماد: كيف مهد الغياب السياسي لمجازر السويداء والساحل

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.