ارتفاع أسعار التبن يهدد مستقبل الثروة الحيوانية في سوريا

تشهد الأسواق السورية أزمة جديدة تضاف إلى سلسلة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، إذ قفزت أسعار مادة التبن، أحد الأعلاف الأساسية في تغذية الماشية، إلى مستويات غير مسبوقة، حتى قاربت أسعار القمح والشعير. هذا الارتفاع الحاد وضع المربين أمام معضلة صعبة: إما الاستمرار في إطعام قطعانهم بكلفة باهظة، أو بيعها بخسارة لا تغطي جزءاً من تكاليف تربيتها.

تفاوت الأسعار بين المناطق

في محافظات الجزيرة السورية، المعروفة بإنتاجها الوفير من القمح والشعير، يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من التبن بين 1100 و1600 ليرة سورية، ويرتفع أحياناً إلى حدود 2000 ليرة، أي ما يعادل تقريباً سعر الحبوب نفسها. أما في القنيطرة، فقد بلغ سعر الطن نحو 3 ملايين ليرة سورية، في مؤشر على أن الأزمة عامة وليست محصورة في منطقة بعينها.

ورغم هذا الارتفاع، فإن أسعار المواشي لم تشهد زيادة موازية، بل على العكس سجلت انخفاضاً. ويؤكد مربون أن الخروف الذي كان يباع بنحو 800 ألف ليرة، لا يتجاوز سعره اليوم 600 ألف ليرة، فيما يصل ثمن كيس التبن إلى 140 ألف ليرة، أي أن كلفة العلف قد تفوق قيمة الحيوان.

معاناة المربين والعمال

في القنيطرة، قال أحد مربي الأبقار لموقع تلفزيون سوريا إنه اضطر مؤخراً إلى شراء طن واحد من التبن بمليوني ليرة سورية، مضيفاً أن إنتاج الأبقار من الحليب بالكاد يغطي جزءاً من تكاليف الأعلاف المرتفعة.

وفي ريف الرقة، تحدثت فلاحة عن عملها في جمع بقايا القمح والشعير من الحقول، مشيرة إلى أنها تعمل بأجر يومي لا يتجاوز 15 ألف ليرة سورية في ظروف قاسية وسط الغبار، ودون توافر أي وسائل وقاية أو حماية.

أما في الحسكة، فيوضح أحد تجار الأعلاف المتنقلين أنه يشتري التبن من دير الزور بسعر 1300 ليرة للكيلوغرام ليبيعه في دمشق بسعر يصل إلى 2000 ليرة، مؤكداً أن الطلب على المادة ما زال مرتفعاً رغم الغلاء.

أسباب الأزمة

بحسب شهادات مهندسين زراعيين ومربين، فإن أسباب الأزمة تعود إلى مزيج من العوامل الطبيعية والاقتصادية. فموجات الجفاف التي أصابت مناطق واسعة من الشمال الشرقي والبادية قلصت إنتاج الأعلاف بشكل ملحوظ، في حين ساهم غياب خطط التخزين والتوزيع المنظمة في ترك المجال مفتوحاً أمام التجار لاحتكار المادة والتحكم بأسعارها.

ويضيف مربون أن جزءاً من التبن السوري يجد طريقه إلى خارج البلاد، سواء عبر صفقات رسمية أو من خلال التهريب إلى دول مثل لبنان والأردن والعراق، وهو ما يزيد من حدة النقص في الداخل.

مخاطر مستقبلية

يحذر مربون وخبراء من أن استمرار الوضع الراهن قد يدفع بالكثير من أصحاب القطعان إلى بيعها بأسعار زهيدة أو ذبحها في وقت مبكر، لتجنب الخسائر المتفاقمة. ويرى هؤلاء أن أي تراجع في أعداد المواشي سينعكس مباشرة على توفر اللحوم ومشتقات الألبان في الأسواق السورية، ما يهدد الأمن الغذائي للفئات الأكثر فقراً.

في المقابل، يترقب العاملون في هذا القطاع خطوات عملية من الجهات المعنية لضبط السوق وتأمين الأعلاف بأسعار مناسبة، باعتبار أن حماية الثروة الحيوانية تمثل ركيزة أساسية لاستقرار الغذاء والدخل الريفي في سوريا.

اقرأ أيضاً:انهيار إنتاج العسل في سوريا: تغير المناخ يدمر مناحل النحل ويهدد الأمن الغذائي

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.