الاغتيالات لن تمحو شعور الكيان بالإحباط ولن تغير معادلات السقوط التي فرضتها المقاومة على “إسرائيل”
داما بوست- خاص
مهما فعلت “إسرائيل” وقامت به من اغتيالات فإنها لن تغير في معادلات السقوط التي فرضتها عليها المقاومات في المنطقة بعد “طوفان الأقصى” الذي أغرقها في الكآبة والإحباط والشعور بالهزيمة المطلقة، وهو شعور يقود صاحبه في أغلب الأحيان للانتحار وزرع الفوضى والخراب من حوله.
ومنذ تأسيس الاحتلال الإسرائيلي وخلاياه السرطانية نفَّذت أجهزته الإجرامية مئات الاغتيالات، بأدوات تقليدية وغير تقليدية، من السموم والطائرات بدون طيار، والسيارات المفخخة، وغيرها من أدوات جبانة تعبر عن مدى ضعف الاحتلال في المواجهة وتفوقه في الغدر والطعن من الخلف “.
وتتنوع أهداف الاغتيالات الإسرائيلية، ما بين استهداف القادة العسكريين للتأثير على موازين القوى، واستهداف العقول لإجهاض محاولات التطور التقني والعسكري وحرمان خصوم الكيان من كوادرهم، وصولاً للاغتيالات التي ترمي لتحقيق أهداف سياسية.
وتأتي اغتيالات الكيان وسط حالة من الهزيمة يشهدها داخلياً وخارجياً، بعد السابع من أكتوبر وما بعده في سياق حرب هزت أركان الاحتلال وجيشه، وفرضت تحولات استراتيجية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، أحرقت فيها المقاومة عقيدة الردع الصهيونية، التي طالما قامت على فكرة التفوق العسكري على الخصوم.
الاغتيالات حتى لو كانت منجزات استخباراتية وعملياتية للاحتلال الإسرائيلي، فإنها لا تغير الموقف الاستراتيجي الكئيب للكيان، والتطورات المتسارعة خلال الأيام الماضية وضعت المنطقة برمتها على حافة الانفجار.
اغتيالات الكيان الجبانة في الضاحية الجنوبية لبيروت، لقيادي جهادي كبير في حزب الله، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، عكس عدم رغبة الصهاينة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ورسم ملامح اندلاع حرب إقليمية كبيرة.
الكيان الإسرائيلي بأفعاله القبيحة الأخيرة تجاوز كل الخطوط الحمراء، وعليه أن ينتظر الرد الذي قد يتنوع من قصفه بوابل من الصواريخ والمسيرات، أو الرد بالمثل، وهذا تفرضه الظروف ومعادلات الميدان، ولن تدخر المقاومة أي جهد في صفع الكيان بقوة.
من المؤكد أن اغتيال الشهيد هنية سوف يوقف المحادثات مع “إسرائيل” مؤقتاً، ولكنه لن يغير الواقع في غزة، ولكن ما زال من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو يريد إبرام صفقة، فهو عطلها كثيراً وضرب بأسراه لدى المقاومة الفلسطينية وبذويهم عرض الحائط، ما تسبب بغليان داخلي ما زالت تداعياته حتى الآن تتفشى في قلب الكيان.
وظل رئيس حكومة العدو يماطل لعدة أشهر، خوفاً من أن يؤدي الاتفاق على وقف إطلاق النار إلى تحويل تركيز “إسرائيل” مرة أخرى إلى أمراضها الداخلية، ومحاكمته بتهم الفساد، وربما أراد من اغتيال هنية حفظ ماء وجهه الأسود واختلاق حجة لإعلان نصر مزعوم وقبول الصفقة مع حركة حماس على سبيل التفاوض من موقع القوة المزعومة التي يخادع بها نفسه، أو ربما كانت نواياه من اغتيال هنية تخريب المفاوضات بشكل كامل.
وفي الواقع كان الخيار أمام “إسرائيل” سهلاً، وكان بوسعها أن تعقد صفقة مع “حماس” من أجل تحرير الأسرى في غزة، وإحلال الهدوء على الجبهة الشمالية، وتوفير فرصة للدبلوماسية الإقليمية، ويؤيد ذلك الجمهور الصهيوني وكبار ضباط جيش الاحتلال، لكن نتنياهو سار بعكس التيار ورفض المفاوضات من أجل مواصلة الحرب التي قد تخرج عن نطاق السيطرة في أي وقت وربما تؤدي إلى هلاك الأسرى المائة والخمسة عشر الذين ما زالوا في قبضة المقاومة في غزة.
وبالرغم من عقيدة واشنطن المؤيدة للكيان ورغبتها في تفجير المزيد من الصراعات في المنطقة، لكنها وبكل وضوح مرتابة وتتوجس من كبر حجم كرة النار وهي تتدحرج في المنطقة وتتجه نحو “إسرائيل” لذلك نراها بين الحين والآخر تجنح للضغط على الكيان نحو المفاوضات كما فعل جو بايدن ليس على سبيل الحرص على المنطقة بل من باب الحرص على “إسرائيل” ومصالح واشنطن في المنطقة.
لا شك أن المنطقة باتت على حافة تصعيد كبير، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، واغتيال القيادي الجهادي الكبير في حزب الله الشهيد السيد فؤاد شكر، وحزب الله كان أشار أكثر من مرة، أن ضرب بيروت، أو استهداف قادته البارزين، هو خط أحمر، والآن بعد اجتياز “إسرائيل” للخطين، فإن الرد سيكون مزلزلاً وقوياً من الحزب، ومن طهران التي ترى الهجوم على هنية في أرضها متغير جديد وخطير يجب وضع حد له ولغطرسة الكيان، الذي ينتظر الرد بقلق، وسيندم البغاة ولات ساعة مندم.