بين تركيا والعراق.. “أوراق قوةٍ” قد تنهي ملفات الحساسية والخلاف
داما بوست| الهام عبيد
كشف بيان للحكومة العراقية الثلاثاء الماضي، عن زيارة مرتقبة للرئيس التركي “رجب طيب إردوغان” إلى العاصمة بغداد، دون تفاصيل أخرى حول أهداف الزيارة أو حتى توقيتها.
وتوقعت الأوساط السياسية والحكومية في العراق، أن تكون الزيارة لحسم ملفات خلافية حساسة بين البلدين، أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.
ويقول المحلل السياسي العراقي “حسن الموسوي” لــ “داما بوست” إن “ملف مياه نهري دجلة والفرات سيحضر على قائمة المفاوضات، سيما أنه من أخطر الملفات التي تواجهها الحكومة العراقية اليوم، وقد تصغر بمجرد موافقة الرئيس التركي على زيادة الإطلاقات المائية نحو العراق”.
ويضيف.. “تتضمن الملفات المؤكد طرحها ملف استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي، والذي تسبب بضغط كبير على العراق وحكومته من حيث الأضرار الاقتصادية بعد إيقافه وفق قرار “محكمة باريس” لافتاً إلى أن على العراق التفاوض بشكل موسع في هذا الملف، وإعلان إعادة التصدير عبر الميناء ذاته أو عبر بدائل، سيما أن تأثير الميناء على انتعاش الاقتصاد التركي لا يتعدى الــ 20 إلى 25%، بحسب رأيه.
وعند سؤاله عن موضوع الوساطة التركية بين حكومة بغداد وإقليم كردستان بشأن النفط، أجاب “الموسوي” أن المحكمة الاتحادية العليا أقرت عدم دستورية التصدير عبر إقليم كردستان العراق، وبالتالي المفاوضات بين الطرفين ارتأت أن الحل بالانصياع لقانون النفط والغاز، وقرار القضاء بتسليم المعلومات والحسابات المالية لشركة النفط الوطنية العراقية، وعليه لا يمكن لإردوغان أن يكون طرفاً ثالثاً بل يقتصر دوره إن وجد، على تنبيه الاقليم بضرورة الالتزام بالدستور العراقي”.
وعن ملف التبادل التجاري بين البلدين، بيّن المحلل السياسي العراقي أن ضعف الاقتصاد التركي يحتاج إلى سوق منافسة، والعراق هو الأفضل بعد الاتفاق على مشروع ربط ميناء “فاو” العراقي على الخليج العربي بالأراضي التركية عبر طريق بري، إضافة إلى الاتفاقيات الثلاثية مع مصر والأردن، وكذلك التبادل التجاري مع إيران ومن خلفها روسيا.
ولن يغيب الملف الأمني عن طاولة المفاوضات التركية العراقية، سواء من حيث الوجود التركي غير الشرعي في الأراضي العراقية والسورية وعلى حدودهما، أو من حيث وجود “حزب العمال الكردستاني” شمال العراق والذي تعتبره أنقرة تهديداً لأمنها القومي، وبحسب رأي الكاتبة والصحفية التركية “حميدة رنجوس” لــ “داما بوست” فإن هذا الملف يحتاج إلى مستوى عالي جداً من التفاوض وقد يكون حاسماً للملفات الحساسة الأخرى المتعلقة بالمياه والاقتصاد، مشيرة إلى رغبة إردوغان في طرحه، بالاعتماد على كيفية استجابة الحكومة العراقية لورقة المياه”.
وأوضحت “رنجوس” أن تركيا اليوم في موقف ضعيف أمام العراق، وأهمية الزيارة لا تقلّ عند أنقرة عن بغداد، سيما في ظل وضع اقتصادي يقترب من الإفلاس مع خروج الدولار عن السيطرة عقب الانتخابات الرئاسية، لافتة إلى أنه “مع تعيين أسماء قوية كحاكم للبنك المركزي ووزير للمالية، تحركت الحكومة التركية للبحث عن الأموال، وفي هذا الإطار زارت الخليج دون الإفصاح عن المقدار الذي حصدته، والطريق إلى العراق يأتي في نفس المسعى”.
وتابعت.. “يحاول إردوغان التملص من الحكم القضائي الذي أصدرته محكمة باريس والمتمثل بدفع 1.5 مليار دولار كتعويض عن تهريب النفط لسنوات دون موافقة حكومة بغداد، مشيرة إلى أنه فعلياً غير قادر على دفعه، وعليه من الممكن أن يستغني عن ورقة المياه التي طالما استعملها كورقة ابتزاز خاصة في شهر أغسطس/آب الحار حيث تشتد الحاجة إلى الماء”.
وعلى مايبدو أن ترقب الزيارة التركية إلى العراق لم يُبالغ فيه في ظل الملفات الحساسة من جهة، وأوراق القوة الموجودة عند كل طرف من جهة أخرى، وبحسب العديد من الآراء، تتفوق الأوراق العراقية على التركية ما يفتح الباب أمام تغييرات على المستوى السياسي والاقتصادي للعراق، ومنه إلى الإقليم باعتباره حلقة وصل وذو ثقل مؤثر في المنطقة.