اضطر السوريون بالسنوات الأخيرة على إيجاد بدائلاً كحل “دائم” للعديد من المنتجات أو الاحتياجات أو الخدمات، وليس بالضرورة أن يكون “البديل” في ذات مستوى الجودة والسعر، ولكن الحاجة قد تكون أم الاختراع في هذه الحالات وفي بعضها الآخر قد نعود إلى بدائل “أيام زمان”، حتى وصل الحال بنا إلى استبدال الكثير من الأمور التي اعتدنا عليها، وخاصة المواد التي تدخل في تصنيف الحاجة اليومية كالمنظفات مثلاً.
منظفات بأسعار رخيصة:
وازدادت بشكل ملحوظ عملية بيع المنظفات “الفرط” أي التي يمكن بيعها بكميات قليلة أو كبيرة على الوزن، وغير معبأة بعبوات بلاستيكية، بل توضع بأكياس نايلون أو عبوات مياه مختلفة الأحجام، وهي حل يلجئ إليه الناس لشراء حاجاتهم بأسعار رخيصة، وكنتيجة لغلاء سعر المنظفات المعلبة، لاقت هذه المحال إقبالاً كبيراً من السوريات اللواتي يقمن بتنظيف بيوتهن بشكل يومي، لما فيه من توفير للمال، وزيادة في الكمية، فيما اختلفت الآراء بينهم حول جودة الصنع والكمية.
وتقول “ميرلين” وهي سيدة متزوجة ولديها ثلاثة أطفال لـ “داما بوست”.. “نقوم بشراء المواد “الفرط” لتوفير المال إضافة إلى الكمية التي تضاهي المنظفات المعلبة، ولا يخلو الأمر من بعض المحلات التي تقوم ببيع مواد فرط جيدة النوعية قياساً بغيرها من المحلات، مثلاً سائل “الجلي” الذي يصل سعر الكيلو منه إلى 8000 ليرة سورية بينما وصل سعر العبوة المنتجة في المعامل المحلية إلى 18 ألف، في أقل تقدير “مستعدين نوفر أي شي كرمال الأولاد”.
أعراض جانبية:
ورغم إيجابية التوفير، إلا أن هذه المواد يتم إنتاجها غالباً ضمن ورشات، منها ما يعمل بترخيص ومنها يعمل بشكل غير شرعي، وتطرح في الأسواق دون ضمان جودة حقيقي فلا مرجعية واضحة للشكوى في حال التعرض لأي أضرار جانبية، وتروي “فاطمة” وهي ربة منزل من سكان اللاذقية لـ “داما بوست” تجربتها مع المنظفات غير المعبأة لعلامات تجارية معروفة.. “بالنسبة لي قمت بتجريب المواد المنظفة “فرط” مرة واحدة لكنني أصبت بالأكزيما وتحسست منها، ولم أقم بشرائها مرة أخرى، حتى نوعية السائل لم تكن جيدة كما يجب، إضافة إلى أن معايير هذه المواد لا تأتي نظامية ولا من مختصين في هذا المجال أساساً، الأمر الذي يدعو دائماً للقلق”.
وعبّر ” محمود” الذي التقيناه وهي يشتري المنظفات في أحد المحال بدمشق ” داما بوست” قائلاً.. “المعلب لأصحاب الطبقة المخملية، بينما الفرط للفقراء أمثالنا، على أساس أن صحون الطعام خاصتنا مليئة بالدهون الصعبة والتي بحاجة لسائل جلي “خارق”، وبشكل عام المواد الفرط لم تقتصر على المنظفات فقط، من يتخيل أن يوماً ما سنضطر لشراء رب البندورة “بالملعقة”.
الخلل في الخلطة:
بدوره قال “حيدر. ص” صاحب محل للمنظفات بدمشق لـ “داما بوست”.. “في اليومين السابقين ارتفعت أسعار المنظفات التابعة لعلامات تجارية رسمية قرابة 20 % فقد وصل سعر الكلور المعلب بين 5 إلى 6 آلاف ليرة سورية، بينما بلغ سعر الكيلو الفرط للمادة نفسها تقريباً 4 ألاف ليرة، وبعضهم يشتري بـ 1000 ليرة أحياناً حسب حاجته، حتى علبة المحارم وصل سعر العلبة إلى 15 ألف وأكثر حسب النوعية، فيما أقبل الناس على شرائها “فرط” ووصل الصابون السائل إلى 8000 للكيلوغرام الفرط تقريباً”.
ويؤكد “حيدر”.. “نقوم بشراء المواد الأولية للمنظفات من المعامل، ويتم خلطها في المحل وتركيزها بالرغم من أن هنالك معايير تجريبية لذلك إلا أن الأمر يختلف بين الشخص والأخر، وتعود نوعية المواد الفرط إلى الاختلاف بالجودة فبعضها يكون سيء والبعض الأخر يضاهي المواد المعلبة”.
الغار بديل الصناعي:
وفي حين يتجه كثيرون إلى شراء الصابون البلدي “الغار” لاستخدامه في الحمامات والمغاسل، فجودته تضاهي جودة أفضل أنواع الصابون وحتى الشامبو، وبحسب حديث “علي أحمد” المختص في صناعة الصابون البلدي لـ “داما بوست”.. “الصابون البلدي قديم جداً ويستخدمونه الناس بكثرة لما فيه من نظافة ورائحة ذكية وتوفير، فمثلاً كل 1 كيلو زيت يحتاج إلى 1 كيلو “قاطرون” إضافة للغار والذي يضاف بحسب الرغبة والتي بمحصلتها تنتج 5 أو 6 ألواح صابون حجمها وسط، وكل قطعة منها تكفي ما يقارب الشهر وتكلفته تقريباً 5 ألاف ليرة، الأمر الذي يجعله اقتصادياً وتوفيرياً أكثر من أي نوع آخر”.
وفي المقابل أكد مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لـ “داما بوست” وجود دوريات ورقابة على المعامل التي تقوم بإنتاج هذه المواد، مؤكداً حصولها على ترخيص للعمل في هذا المجال، ويتم أخذ عينة من هذه المعامل وتحليلها والتأكد من سلامتها، وأما بالنسبة لموضوع السعر فقد صرح المصدر أن زيادة سعر الصرف هو سبب ارتفاع أسعار المواد قاطبة وليس فقط المنظفات، مشيراً إلى أنه تم تشميع عدد من المعامل التي تعمل دون ترخيص.