داما بوست- خاص| منذ أن شنت “إسرائيل” حربها الدموية ضد قطاع غزة، لا يزال المسؤولون الغربيون ولاسيما في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا يرددون حتى هذه اللحظة وبشكل مثير للغثيان بأن “إسرائيل” لها الحق في الدفاع عن نفسها، متجاهلين حرب الإبادة الجماعية التي يطبقها الاحتلال على السكان الأبرياء، لذلك كان تصدي المقاومة في فلسطين وإسنادها بالدعم من حزب الله في لبنان حق تكفله جميع الشرائع والسنن.
إن الثابت حسب قواعد القانون الدولي هو أن للشعب الرازح تحت نيران الاحتلال الحق في المقاومة والدفاع عن نفسه بكل الوسائل الممكنة، وهذا منطق حزب الله في الدفاع عن لبنان وفلسطين ولذلك هو مستمر في عملياته النوعية ضد مواقع الاحتلال لدعم حق أصحاب الأرض المحتلة في لبنان وفلسطين.
وبناء على ذلك تعتبر “إسرائيل” حسب قواعد القانون الدولي لا حق لها في الدفاع عن النفس باعتبارها قوة احتلال، وإننا حتى لو سلمنا جدلاً مع القائلين ممن يدعمون غطرستها بوجود هذا الحق لها، فإن الثابت قطعاً هو أن أفعالها الإجرامية قد تجاوزت حدود هذا الحق المزعوم بعد أن استفحلت جرائمها وفاقت كل حد وتصور.
“إسرائيل” تمني النفس في الهجوم على حزب الله، وهي في ضيق كبير بسبب هجماته وعملياته المركزة في العمق الصهيوني، وحزب الله فرض المعادلة بأنه لا ينوي وقف هجماته على “إسرائيل” حتى انتهاء الحرب الصهيونية على قطاع غزة الذي يعيش على إيقاع إبادة إسرائيلية دامية منذ أشهر.
جيش الاحتلال الإسرائيلي يتحدث عن مرحلة جديدة من الحرب على غزة، وهذا القرار جاء في إطار الحرص على عدم توسيع الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، وسط تراجع صهيوني عن أهداف الحرب الكبرى، التي أثبتت عدم واقعيتها، حيث سيجد العدو الإسرائيلي نفسه مجبراً بعد شهر أو حتى عام، على التفاوض مع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان، والجنوح نحو التسويات السياسية.
“إسرائيل” مهما فعلت لن تستطيع القضاء على هيكلية حركات المقاومة العسكرية، ولن تنفع العدو مراحله الثالثة، والرابعة ولا حتى الخامسة في اجتثاث جذورها، والمقاومة لا بد أن تغير نمط القتال وفق أي مرحلة جديدة يفرضها جيش الاحتلال الذي يفكر في خفض عديد ألويته المقاتلة، ليفقد المقاومة ميزة الالتحام المباشر والقتال في الحواضر العمرانية، التي أثبتت المعارك أنها قاتلت إلى جانب المقاومين، ومنحتهم ميزة التخفّي والترصّد والانقضاض ونصب الشراك والكمائن.
وربما تشهد المرحلة المقبلة كثافة في عمليات الاغتيال الجبانة للاحتلال ضد المقاومين من الجو، ما يعني أن البنية البشرية للمقاومة ستكون عرضة لاستنزاف، لكنها في نهاية الأمر، ستكون نموذجاً لحروب الاستنزاف، التي لا خاسر فيها إلا الجيوش النظامية، إن كان خصمها مقاومون في مجموعات تعدادها أقل من أصابع اليد الواحدة.
الاحتلال الذي أرهقته هجمات المقاومة المكثفة في شهر حزيران يجري بين حين وآخر تقييماً لتلك الهجمات حيث اعتبرها الاحتلال في شهر حزيران أنها الأعنف من حيث الاستهدافات، التي نفّذتها المقاومة منذ تشرين الأول، وهي عمليات تأتي رداً على استمرار مجازر الاحتلال في قطاع غزة، كما أنها تأتي رداً على عمليات الاغتيال الجبانة اللتي تنفذها “إسرائيل” من الجو ضد كوادر المقاومة اللبنانية.
الاحتلال عبر إعلامه ومنه صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، كشف أن حزب الله، نفذ خلال الشهر الماضي، 288 هجوماً ضدّ “إسرائيل”، متوسطها 9.6 هجمات يومياً، في مقابل 320 هجوماً في أيار، معدلها 10 هجمات يومياً، ولم يستطع التهرب من الحقيقة التي اعترف بها بأن كثافة الهجمات تزداد وتيرتها مع عمليات الاغتيال الجبانة للكيان كما حصل في أعقاب اغتيال الشهيد طالب سامي عبد الله، في الـ11 من حزيران الماضي.
حزب الله وبلا هوادة مستمر في عملياته ضد كيان الاحتلال لإسناد مقاومة غزة وحماية جبهة الشمال مستخدماً الوسائل المناسبة، كالصواريخ المنحنية المسار، وهي السلاح الأكثر استخداماً، ووفقاً لتحليل صهيوني، فإن عدد عمليات قصف الصواريخ منحنية المسار 144 في حزيران، وهو أعلى قليلاً من الرقم المسجّل في أيار، وهو 139.
تكتيكات حزب الله تفرضها إيقاعات ومسار المعركة ضد الاحتلال، وهذا يتجلى في نوع الأسلحة وطريقة الهجوم، فالحزب، خلال الشهر الماضي، شن 6 هجمات، استخدم فيها صواريخ “أرض – جو”، بما في ذلك إسقاط طائرة مسيّرة من طراز “Hermes-900″، في الـ10 من حزيران، وقد لفت إلى ذلك إعلام العدو، الذي قال أيضاً إن الهجمات الصاروخية المضادة للدبابات، انخفض عددها بصورة ملحوظة خلال شهر حزيران الماضي، حيث وقع 57 هجوماً، واستخدمت الصواريخ المضادة للدبابات، مقارنةً بـ95 في أيار.
العدو الصهيوني أكثر ما يتوجس منه هو سلاح المسيرات خصوصاً الانتحاري منها والتي شهدت ارتفاعاً في عبورها لضرب مواقع الاحتلال، وترى الاحتلال مهتم إلى مدى كبير في ىإحصاء عمليات حزب الله وخلص بنتيجة أربكته حيث بلغ عدد الهجمات التي نُفِّذت ضدّ “إسرائيل” من حزب الله في لبنان، 2295، منذ اندلاع المواجهات عند الحدود الفلسطينية – اللبنانية، في الـ8 من تشرين الأول.