الحوالات الخارجية تُعيل 50% من السوريين.. حزوري لـ”داما بوست”: أقترح إلغاء تجريم التعامل بغير الليرة
داما بوست _ كاترين الطاس| أكثر من 12 عاماً على بدء الحرب السورية وما رافقها من تداعيات، جرفت الاقتصاد السوري إلى الحضيض، فعانى السوريون من حرب اقتصادية “غير مسبوقة”، تمثلت بتدني الأجور وارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير مع ارتفاع معدلات البطالة وتوقف عجلة الإنتاج بشكل شبه كامل..
وفي ظل الحالة المزرية التي تعيشها العائلات السورية تأتي الحوالات الخارجية كعصب حياة.. إذ يعتمد قسم كبير من المواطنين في الداخل السوري على الأموال المحوّلة إليهم من أقربائهم وعائلاتهم في الخارج، لمواجهة الأزمة المعيشية والاقتصادية.. ولا تقتصر فوائد الحوالات على السوريين فقط، بل إنها تدعم الاقتصاد لأنها ترفع معدلات الاستهلاك والطلب على السلع والمواد في السوق.
وتشير عدة تقارير أممية إلى أن ما يقارب 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن 3 من كل 5 سوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي..
الحوالات تُعيل 50% من السوريين
قالت وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي، في تصريح خاص لـ “داما بوست”: “إذا نظرنا إلى شرائح الناس سواء الواقعين تحت خط الفقر الأعلى أو الأدنى أو القريبين من خط الفقر، فإن مجموع نسب هذه الشرائح هي أكثر من 80% حسب تقديرات جهات ومنظمات دولية، أما الأسر المستفيدة من الحوالات وبالاعتماد على التقديرات لعدم وجود إحصائيات رسمية ولأن قسم كبير من الحوالات مازال يصل بالطرق غير النظامية، يمكن القول بأنه ما يزيد عن 50% من السكان يعتمدون على الحوالات، وتعتبر مصدر دخل أساسي يعين هذه الأسر على متطلبات المعيشة الأساسية والضرورية”.
دعم الاقتصاد
الأستاذ في كلية الاقتصاد الدكتور حسن حزوري أكد في تصريح خاص لـ “داما بوست” بأن الحوالات الخارجية تدعم الاقتصاد السوري سواءً وردت عبر الشركات المرخصة أو عبر السوق السوداء.
وقال حزوري: “الحوالات تدعم الاقتصاد السوري ليس فقط بسبب زيادة حركة البيع والشراء، وإنما أيضاً هي مصدر أساسي للقطع الأجنبي وتؤثر على سعر الصرف من خلال زيادة عرض القطع الأجنبي ولاسيما الدولار”.
ووافقته الرأي الدكتورة لمياء عاصي، والتي أفادت بأن “الحوالات الخارجية تعتبر بمثابة الصادرات لأنها تؤمن القطع الأجنبي الذي يستخدم في تمويل المستوردات بكافة أشكالها، لذلك فإنها تشكل المورد الأهم للاقتصاد الوطني وخاصة بعد أن تراجعت حصيلة الموارد الأخرى من العملات الصعبة سواء من الصادرات أو النفط أو المؤسسات العامة”.
2 مليار دولار سنوياً
وتابعت عاصي: “إذا كانت الحصيلة اليومية للحوالات الخارجية تقدر بحدود 6_7 مليون دولار يومياً، ما يعادل حوالي 2 مليار دولار سنوياً، فإنها ستغطي 40% تقريباً من المستوردات التي تبلغ حوالي 4_ 5 مليار دولار”.
وأشارت إلى أنه قبل العام 2023 عندما كان الفرق كبيراً بين السعر الرسمي حسب البنك المركزي وسعر العملات الأجنبية في السوق السوداء، حينها كانت القنوات الغير نظامية تحظى بنصيب كبير من الحوالات الخارجية تفوق 90% من التحويلات بالرغم من العقوبات الشديدة.
وأكملت حديثها قائلة: “أما العام الماضي وتحديداً في الثاني من شباط لعام 2023، قام البنك المركزي بتعديل سياسته بتسعير الحوالات وجعل السعر الرسمي قريب من سعر السوق السوداء، وبسبب تقليص الفارق في السعر أضحت نسبة عالية من الحوالات تتجاوز 70% تأتي عبر القنوات الرسمية، وهذا يؤكد بأن الطريقة المثلى لاستقطاب الحوالات الخارجية إلى القنوات الرسمية تتكون من نقطتين، الأولى تبني سعر للحوالات قريب من سعر السوق السوداء، والثانية أن يجري تسليم نصف مبلغ الحوالة بعملة التحويل الأصلية”.
ورأت عاصي بأن الحوالات الخارجية وبرغم أنها مصدر مهم للاقتصاد الوطني لجهة تأمين الإيرادات الدولارية، ولكنها مصدر غير مستدام أو مستقر ويمكن أن تنخفض لأسباب خارجية اقتصادية سياسية أو غيرها، لذلك لا يجوز الاعتماد عليه بشكل دائم.
من المستفيد ؟
من المتعارف عليه والطبيعي أن شركات الحَوالات تأخذ عمولات على تحويل أو تحصيل أي مبلغ، هذا ما أوضحه حزوري، مشيراً إلى أن المكاتب غير المرخصة تأخذ عمولات أكبر نتيجة عامل المخاطرة، ولكن قسم كبير من المحولين يفضلون التحويل عبر هذه المكاتب كون سعر الصرف أفضل للمستفيد، وسعر نشرة الحوالات والصرافة أقل من سعر السوق فعلياً.
بدورها، تؤكد عاصي بأن الجهات المستفيدة من الحوالات الخارجية متعددة، سواء بالنسبة للعمولات التي تقبضها مكاتب الصرافة التي يتم التحويل من خلالها، أو التجار والصناعيين الذين يقومون ببيع منتجاتهم وبضائعهم بفضل ارتفاع القدرة الشرائية لدى الأسر المستفيدة من الحوالات، أو تمويل مستوردات التجار بفضل حصيلة هذه الحوالات من العملة الصعبة، بالنتيجة، فإن الاقتصاد الوطني بكل شرائحه سيستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر.
“مافيا”
وفي سياق مشابه، دعا حزوري إلى إلغاء قوانين تجريم التعامل بغير الليرة السورية، والترخيص لأكبر عدد من الشركات والمكاتب لأعمال الصرافة برقابة المصرف المركزي مع إصدار نشرة يومية حقيقية وفق قانون العرض والطلب، لتطبيق شعار دعه يعمل دعه يمر، لافتاً إلى أن هناك “مافيا” مستفيدة من بقاء القوانين السائدة خدمة لمصالحها.