شركة لافارج أمام القضاء الفرنسي بتهمة تمويل جماعات إرهابية في سوريا

تنطلق، يوم الثلاثاء المقبل، في العاصمة الفرنسية باريس، محاكمة شركة الإسمنت الفرنسية “لافارج” وعدد من كبار مسؤوليها السابقين، على خلفية اتهامات بتورطهم في تمويل جماعات مسلحة مصنّفة إرهابية في سوريا، من بينها تنظيم “الدولة الإســ ــلامية” (داعش) و”جبهة النصرة”، لضمان استمرار أنشطة الشركة في مصنعها الواقع شمالي البلاد.

ووفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس)، تشمل القضية شركة لافارج التي استحوذت عليها مجموعة “هولسيم” السويسرية عام 2015، إضافة إلى الرئيس التنفيذي السابق برونو لافون، وخمسة مسؤولين سابقين في الأقسام التشغيلية والأمنية، إلى جانب وسيطين سوريين، أحدهما مطلوب بموجب مذكرة توقيف دولية.

اتهامات ثقيلة بالتعاون مع جماعات مسلحة

المتهمون يواجهون تهمًا تتعلق بتمويل منظمة إرهابية، وعدم الالتزام بالعقوبات المالية الدولية المفروضة على سوريا منذ عام 2011. وكانت محكمة فرنسية قد قررت، في تشرين الأول 2024، إحالة الشركة وثمانية من مسؤوليها السابقين إلى محكمة الجنايات، بعد اتهامهم بـ”تنظيم أو تسهيل أو تنفيذ سياسة تقوم على تقديم تمويل لجماعات إرهابية تنشط قرب مصنع الشركة في منطقة الجلابية شمال سوريا، تحقيقًا لمكاسب اقتصادية أو مصالح شخصية”.

خمسة ملايين يورو تحت مسمى “حماية المصنع”

التحقيقات تشير إلى أن فرع الشركة في سوريا، “لافارج سيمنت سوريا”، دفع ما يقارب خمسة ملايين يورو خلال عامي 2013 و2014 إلى جماعات مسلحة، بينها داعش وجبهة النصرة، إضافة إلى مبالغ دُفعت لوسطاء بهدف ضمان حماية المصنع واستمرار العمل في ظل النزاع المسلح.

ورغم تصاعد الحرب في سوريا، استمرت لافارج في تشغيل مصنعها الذي استثمرت فيه نحو 680 مليون يورو منذ تأسيسه عام 2010، بينما انسحبت شركات عالمية أخرى من السوق السورية عام 2012. وقد أخلت الشركة موظفيها الأجانب فقط، وأبقت العمال السوريين في مواقعهم حتى أيلول 2014 حين سيطر تنظيم داعش على المصنع.

مسار قضائي بدأ منذ 2016

القضية انطلقت قضائيًا عام 2017 بعد تقارير إعلامية وبلاغات قدمتها وزارة الاقتصاد الفرنسية من جهة، وجمعيات حقوقية و11 موظفًا سابقًا من جهة أخرى، اتهموا الشركة بتمويل الإرهاب وانتهاك الحظر المالي.

وفي عام 2019، خلص تحقيق أوكل إلى مكتبي المحاماة “بايكر ماكنزي” الأمريكي و”داروا” الفرنسي إلى ارتكاب الشركة مخالفات واضحة لقواعد السلوك التجاري.

إقرار بالذنب وغرامات ضخمة في الولايات المتحدة

وفي سابقة لافتة، اعترفت لافارج في تشرين الأول 2022 أمام القضاء الأمريكي بدفع نحو ستة ملايين دولار لتنظيم الدولة وجبهة النصرة، مقابل استمرار عملياتها في سوريا، ووافقت على دفع غرامة مالية قدرها 778 مليون دولار.

قضية تحمل أبعادًا قانونية وأخلاقية

تُعد هذه المحاكمة الأولى من نوعها التي تُحاكم فيها شركة متعددة الجنسيات بتهمة تمويل الإرهاب، ما يسلط الضوء على تعقيدات عمل الشركات في مناطق النزاع، ويطرح تساؤلات حول مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية حين تتداخل المصالح الاقتصادية مع انتهاكات القانون الدولي.

اقرأ أيضاً:بعد سقوط الأسد.. “داعش” يعيد تنظيم صفوفه في الشرق السوري

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.