هل تفتح “داعش” الباب أمام شراكة تركية–سورية مع واشنطن؟
أعادت العملية الأمنية التي نفذتها القوات التركية بالتنسيق مع أجهزة الأمن السورية ضد خلية تابعة لتنظيم “داعش” في شمال سوريا، الجدل حول مستقبل التحالفات في ملف مكافحة التنظيم، وسط تساؤلات بشأن إمكانية تحوّل أنقرة ودمشق إلى شريكتين للولايات المتحدة في هذا الملف، بدلاً من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي اعتمدت عليها واشنطن خلال العقد الماضي.
عملية مشتركة غير مسبوقة
بحسب بيان وزارة الداخلية التركية، فإن العملية جرت فجر الاثنين في مدينة أطمة بريف إدلب، وأسفرت عن مقتل ثمانية عناصر من خلية مؤلفة من 14 شخصًا ينتمون إلى عائلة متبنية لفكر “داعش”، وإصابة اثنين آخرين، فيما تم توقيف أربعة عناصر.
وجاءت العملية بعد تتبع خيوط حادثة مقتل مواطن تركي كان يقل عناصر الخلية بحافلته الخاصة، قبل أن يُعثر على جثمانه مدفونًا داخل الأراضي التركية، لتقود التحقيقات إلى الكشف عن الشبكة وملاحقتها في سوريا.
أنقرة ودمشق ضد عدو مشترك
يعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تعكس بداية تنسيق أمني بين تركيا وسوريا في مواجهة “داعش”، بالتوازي مع مطالب البلدين بحل “وحدات حماية الشعب” الكردية – العمود الفقري لـ”قسد” – ودمج عناصرها في الجيش السوري.
المحلل السياسي التركي علي أسمر قال لـ”إرم نيوز” إن “تنظيم داعش يمثل عدوًا مشتركًا للطرفين، ومن الطبيعي أن نرى تعاونًا ضده”، مؤكدًا أن أنقرة تخوض هذه المعركة دفاعًا عن أمنها، وليست مجرد استجابة لتوجهات واشنطن.
وأشار أسمر إلى أن تركيا تنفذ منذ سنوات مداهمات متواصلة ضد خلايا “داعش” داخل أراضيها، مستشهدًا بعملية وقعت الشهر الماضي بعد تجنيد التنظيم شابًا تركيًا للهجوم على مقر للشرطة، ما أسفر عن مقتل عنصرين من الشرطة.
بديل محتمل لـ”قسد”
العملية الأخيرة وضعت أنقرة في موقع “البديل” لقوات سوريا الديمقراطية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة لسنوات، حيث وفرت واشنطن لها التمويل والتدريب في إطار الحرب على “داعش”.
وتزامن ذلك مع مسار سلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، ومع وصول سلطة جديدة في دمشق حليفة لتركيا.
ويرى أسمر أن أنقرة منحت دمشق فرصة لمعالجة ملف “قسد” سياسيًا، لكن هذه المهلة تنتهي مع نهاية العام الجاري، مؤكداً أن الخيار العسكري يبقى مطروحًا إذا لم ينجح المسار السياسي.
قراءة في الموقف الأمريكي
من جانب آخر، تشير دراسة صادرة عن مركز “عمران” للدراسات الاستراتيجية إلى أن واشنطن قد لا تمانع إعادة تشكيل خارطة الشراكات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
وبحسب الدراسة، فإن الولايات المتحدة لم تقدم التزامات قطعية لـ”قسد” بشأن مستقبل “الإدارة الذاتية”، وأكدت مرارًا أن دعمها ينحصر في محاربة “داعش”.
وترجح الدراسة أن تدفع واشنطن باتجاه تفاهم بين “قسد” والإدارة السورية الجديدة، على غرار ما شجعت عليه سابقًا مع النظام السابق، مع احتمال ممارسة ضغوط أكبر على “قسد” لإنجاح المفاوضات، خصوصًا إذا توصلت أنقرة إلى تفاهمات جديدة مع الولايات المتحدة حول مستقبل المنطقة.
بهذا المشهد، تبدو معركة “داعش” ساحة لإعادة رسم التوازنات والتحالفات في سوريا، بين واشنطن وأنقرة ودمشق، وبين القوى المحلية وعلى رأسها “قسد”، وسط غموض يحيط بالمسار الأمريكي في ظل توقعات بانسحاب تدريجي من الملف السوري.
اقرأ أيضاً:رسالة مظلوم عبدي إلى الحكومة البريطانية: تضغط لتفعيل اتفاق 10 آذار