أزمة المياه تخنق القنيطرة.. مشاريع إنقاذية تعيد الأمل للأهالي والمزارعين
تعيش محافظة القنيطرة منذ سنوات أزمة حادة في مياه الشرب والري، انعكست بشكل مباشر على حياة الأهالي ونشاطهم الزراعي. فالحصول على الماء أصبح تحدياً يومياً، سواء للزراعة أو للاستخدام المنزلي، في ظل اعتماد كثير من العائلات على صهاريج خاصة لتعويض انقطاع الشبكات، ما ضاعف من أعبائهم الاقتصادية والمعيشية.
هذا الواقع دفع السلطات المحلية والمنظمات الدولية إلى إطلاق مشاريع إنقاذية عاجلة تستهدف إعادة تأهيل مصادر المياه وتوفيرها للأسر والمزارعين، بما يضمن استقرار النشاط الزراعي والأمن الغذائي المحلي.
قلق المزارعين
المزارعون الذين يعتمدون على الأرض وتربية المواشي وجدوا أنفسهم أمام معركة قاسية مع الجفاف. “أبو يزن” من قرية مجدولية وصف المشهد بقوله: “الأرض مثلنا عطشى.. نخشى في كل موسم أن تجف المزروعات قبل أن تنضج، وتكاليف شراء صهاريج المياه لم تعد تُحتمل”.
أما “أم علي” من قرية الحيران، فقد أكدت أن ضعف مصادر المياه أجبرها في كثير من الأحيان على الاستدانة لشراء صهاريج المياه لإنقاذ محاصيلها من الخضروات، بينما تُركت حقولها في مواسم أخرى عرضة للذبول والجفاف.
انقطاع مياه الشرب ومشاريع عاجلة
معاناة العائلات لم تقتصر على الزراعة، بل طالت مياه الشرب أيضاً، إذ تعيش قرى عديدة انقطاعات لساعات طويلة أو حتى لأيام، الأمر الذي جعل مطلب المياه أولوية قصوى، حتى بات أي مشروع خدمي غير مرتبط بها عديم الجدوى في نظر السكان.
في هذا السياق، أعلن مدير مكتب المتابعة في القنيطرة زياد أبو سعيفان عن سلسلة مشاريع حيوية سيتم تنفيذها هذا العام بالتعاون مع منظمات دولية. وأوضح أن الجهود تشمل تأهيل وتشغيل الآبار المتوقفة منذ سنوات، وتزويدها بمضخات حديثة لضمان استقرار إمدادات المياه للري والشرب.
من بين هذه المشاريع:
-
تأهيل بئر كودنة مع تركيب 150 لوح طاقة شمسية باستطاعة 90 كيلو واط بالتعاون مع منظمة “زوا” الهولندية.
-
إعادة تشغيل أربع آبار في تجمعات أبناء الجولان بريف دمشق الجنوبي بالتعاون مع اليونيسيف.
-
تأهيل محطة ري في قرقس عبر تركيب 1000 لوح طاقة شمسية باستطاعة 580 كيلو واط.
-
إعادة تأهيل محطة ضخ قرية الأصبع التي تخدم تسع قرى، عبر صيانة شاملة وتركيب 300 لوح طاقة شمسية باستطاعة 180 كيلو واط.
-
مشروع تأهيل شبكات المياه في قطاع الخشنية (ريف القنيطرة الجنوبي)، بطول 30 كم، ما سيسهم في إيصال المياه إلى آلاف الأسر.
أثر مباشر على حياة السكان
بحسب أبو سعيفان، فإن عودة الآبار ومحطات الري للعمل ليست مجرد إنجاز تقني، بل خطوة إنسانية واقتصادية بامتياز. فالمزارعون سيتمكنون من استثمار أراضيهم مجدداً، فيما ستتراجع حاجة الأهالي للاعتماد على صهاريج المياه.
من جهته، عبّر المزارع “أبو عمر” من قرية الأصبع عن أمله قائلاً: “إذا نفذوا هذه المشاريع فعلاً، رح ترجع الحياة لأرضنا.. أهم شي الماء، من دونه ما في زرع ولا في أمل نضل هون”.
الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي
يرى المزارعون أن تأهيل مصادر المياه لا يعني فقط تخفيف أزمة آنية، بل هو عامل أساسي في تعزيز الأمن الغذائي المحلي عبر زيادة إنتاج القمح والشعير والخضروات والفواكه، ما يقلل الاعتماد على الأسواق الخارجية ويعزز الاكتفاء الذاتي.
كما أن تحسين موارد المياه يحد من الهجرة الداخلية نحو المدن، ويفتح فرص عمل جديدة مرتبطة بالزراعة والخدمات المائية، بما يرسخ استقرار العائلات في أرضها.
سياق أوسع
تأتي هذه الجهود في وقت تعاني فيه سوريا من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، مع جفاف أنهار وبحيرات وتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية. ويحذر خبراء من أن التغير المناخي سيجعل منطقة شرق المتوسط أكثر عرضة للجفاف، ما يضاعف الحاجة إلى حلول مستدامة تضمن الأمن المائي والغذائي في البلاد.
اقرأ أيضاً:رفع النشيد الإسرائيلي في القنيطرة يشعل الغضب وصمت السلطات الانتقالية يثير التساؤلات