زيادات الرواتب تثير الجدل في سوريا مع تصاعد التضخم

أثارت تصريحات وزير المالية في الحكومة السورية الانتقالية محمد يسر برنية بشأن استراتيجية زيادات الرواتب في سوريا غضبًا واسعًا بين المواطنين، في وقت تعاني فيه البلاد من تضخم حاد وتدهور اقتصادي غير مسبوق، وسط فشل في تأمين أساسيات المعيشة لملايين السوريين.

الوزير تحدث عن خطة ثلاثية المراحل لإصلاح الرواتب والأجور، بدأت بزيادة 200% شملت العاملين والمتقاعدين، تلتها زيادات خاصة في قطاع القضاء، على أن تُستكمل لاحقًا لتشمل قطاعات مثل التربية والتعليم والصحة، قبل الوصول إلى المرحلة الثالثة المرتبطة بإصلاح شامل لـقانون الخدمة المدنية.

زيادات في الرواتب لا تواكب التضخم:

ورغم أن الحكومة السورية اعتبرت الزيادات الأخيرة إنجازًا يحسّن القوة الشرائية بمقدار “3 إلى 4 أضعاف”، فإن الواقع المعيشي يناقض هذه الرواية، حيث تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن معدل التضخم في سوريا تجاوز 300% خلال السنوات الأخيرة.

وتظهر البيانات أن متوسط راتب الموظف الحكومي بعد الزيادة لا يتجاوز 1.2 مليون ليرة سورية (أقل من 70 دولارًا بسعر السوق السوداء)، وهو ما لا يغطي سوى أسبوع واحد من الاحتياجات الأساسية، وفق شهادات لمواطنين.

انتقادات لتمييز القضاة.. وتهميش بقية القطاعات:

التركيز على رفع رواتب القضاة وتوحيد سلم رواتبهم أثار انتقادات واسعة، حيث رأى سوريون أن هذه الخطوة تُكرّس التمييز وعدم المساواة في القطاع العام، وسط تجاهل تام لفئات مثل الموظفين في الصحة والتعليم والمتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود.

وتداول ناشطون صورًا وتعليقات ساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، تساءل فيها البعض: “من أين يأكل باقي الموظفين والمتقاعدين؟ وهل يستطيع الوزير العيش براتب لا يتجاوز 90 دولارًا شهريًا؟”.

إصلاحات ضريبية جزئية وسط مخاوف من قانون جديد:

في خطوة وصفها الوزير بأنها لتخفيف العبء، تم رفع الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل إلى 837 ألف ليرة بدلًا من 279 ألفًا، لكنه ألمح في الوقت نفسه إلى قانون ضرائب جديد سيبدأ تطبيقه في 2026، متحدثًا عن “إعفاءات أكبر” دون توضيح كافٍ.

رغم ذلك، عبّر المواطنون عن مخاوفهم من أن تتحول رواتبهم مجددًا إلى أداة لتمويل عجز الحكومة، بدلًا من إصلاح النظام الضريبي والاقتصادي بشكل حقيقي.

أزمة معيشية حادة: الرواتب لا تكفي.. والتضخم ينهش:

تشير تقارير برنامج الأغذية العالمي إلى أن أكثر من 12 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في وقت وصلت فيه تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من 5 أشخاص إلى أكثر من 3 ملايين ليرة شهريًا، أي نحو ثلاثة أضعاف متوسط راتب الموظف الحكومي.

وفي ظل غياب الدعم، وتراجع الصادرات والاستثمارات، لم تعد الزيادات الموعودة كافية لوقف الانهيار أو تخفيف معاناة المواطنين، الذين يرون أن الحكومة باتت تقدم وعودًا نظرية دون نتائج ملموسة على الأرض.

المواطنون يفقدون الثقة بالمرحلة الثالثة من خطة الحكومة:

رغم وعود وزير المالية بأن المرحلة الثالثة من خطة زيادة الرواتب ستشمل الجميع، يشكك المواطنون في جدية التنفيذ، خاصة وأنهم لم يلمسوا تحسينًا حقيقيًا في حياتهم منذ سنوات.

وكتب أحدهم ساخراً: “حتى الخبز صار كماليًا، فأي حياة كريمة يقصدون؟”.

إقرأ أيضاً: الرواتب تتبخر أمام الدولار.. موجة غلاء تضرب السوريين في آب

إقرأ أيضاً: موازنة 2026: نقلة نوعية نحو الاستثمار وتحسين الرواتب في سوريا

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.