“المؤثرون الجدد”. بين تجميل الصورة السورية وإثارة الجدل
في دمشق، التي تحاول استعادة إيقاعها عبر الفعاليات والمهرجانات، يزداد حضور المؤثرين وصنّاع المحتوى في الواجهة. ومع كل حدث جديد، يتجدد النقاش بين السوريين حول هوية هؤلاء “المؤثرين الجدد” والدور الذي يؤدونه في تقديم صورة البلاد.
تُظهر قوائم المدعوين إلى عدد من الفعاليات، خصوصًا تلك ذات الطابع الرسمي أو شبه الرسمي، أسماء لم يكن لها مواقف بارزة خلال سنوات الصراع، فيما ارتبط بعضهم سابقًا بمواقف داعمة للنظام. هذا الواقع أثار جدلاً واسعًا بين من يرى في هذه الدعوات جزءًا من استراتيجية لإظهار سوريا كوجهة طبيعية للحياة والسياحة، ومن يعتبرها إساءة للصورة التي يُراد الترويج لها.
حضور لافت وغياب أصوات أخرى
يرى منتقدون أن هؤلاء المؤثرين لا يعكسون بالضرورة تعقيدات المجتمع السوري، إذ أن كثيرًا منهم اكتسب شهرته من محتوى ترفيهي أو استهلاكي بعيد عن الشأن العام. في المقابل، يلفت مراقبون إلى غياب شريحة من الشباب السوري ممن كان لهم دور فاعل خلال السنوات الماضية، سواء عبر المشاركة في الحراك الاجتماعي والسياسي أو عبر تقديم محتوى يعكس الواقع المعيشي بتحدياته. هذا التغييب، بحسب آراء متعددة، يخلق شعورًا بالإقصاء ويعمّق الفجوة مع الجمهور.
بين صورة “مُجمّلة” وواقع معقد
تثير هذه السياسة تساؤلات حول مدى انسجام الصورة المقدمة مع الواقع المعاش. فاستضافة مؤثرين بلا بصمة اجتماعية أو سياسية واضحة قد توحي بدمشق “المتصالحة مع نفسها” والمزدهرة، لكنها في الوقت نفسه تتجاهل قصصاً وتجارب صنعتها سنوات طويلة من الصراع والتغيرات.
نماذج بديلة
في المقابل، برزت تجارب مختلفة لفعاليات اعتمدت على وجوه محلية مرتبطة بالشارع، مثل فعالية “أبشري حوران”، التي حازت على تفاعل واسع لابتعادها عن استقطاب المؤثرين المثيرين للجدل، ولقربها من هموم الأهالي والضحايا، ما منحها صبغة واقعية وأكثر تأثيرًا.
جدل مفتوح
بين من يراها وسيلة لتأكيد عودة الحياة إلى المدن السورية، ومن يعتبرها سطحية وتغفل العمق الاجتماعي والسياسي، تبقى سياسة الاعتماد على “المؤثرين الجدد” سلاحًا ذا حدّين. فهي قادرة على جذب الانتباه وتسويق صورة معينة، لكنها قد تزيد أيضًا من الفجوة بين المؤسسات الرسمية والجمهور، وتفتح الباب أمام نقاشات أوسع حول هوية من يحق لهم تمثيل المجتمع السوري أمام العالم.
اقرأ أيضاً:معرض دمشق الدولي: مؤشرات أولية لا انتعاشاً اقتصادياً حقيقياً