وفاة يوسف اللباد تحت الحجز تفتح ملف التعذيب في سوريا
أثارت وفاة الشاب السوري يوسف اللباد في 30 تموز/يوليو موجة من الغضب الشعبي والجدل، بعد تسليم جثمانه إلى ذويه وعليه آثار تعذيب واضحة، وفق شهادات العائلة وصور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. الشاب، الذي احتُجز في المسجد الأموي بدمشق، توفي وسط تضارب في الروايات الرسمية، ومخاوف متزايدة من عودة ممارسات الاعتقال والانتهاكات داخل مراكز الأمن.
روايات متضاربة تشعل الشكوك
الداخلية السورية سارعت إلى إعلان أن اللباد كان في “حالة نفسية غير مستقرة”، وأنه “ضرب رأسه بأجسام صلبة” مما أدى إلى وفاته، حسب رواية قائد الأمن العام في دمشق. لكن هذه التصريحات قوبلت بتشكيك واسع من العائلة والناشطين، خاصة بعد منع أفراد العائلة من رؤية الجثمان في مستشفى المجتهد، وتعدد الأسباب التي سُوّقت للوفاة، بين “التسمم” و”جرعة مخدرات زائدة”، وهو ما نفته العائلة بشكل قاطع.
قريب يوسف، بدر قزعور، أوضح أن ضابطًا يدعى يحيى بهلول اتصل بزوجة الفقيد وأبلغها بأن الوفاة ناجمة عن مخدرات، فيما أظهرت التسجيلات المصوّرة من المسجد يوسف وهو يقول: “كنت عم قول لا إله إلا الله”، قبل أن يُسحب من المكان على يد عناصر الأمن.
شهادة ألمانية تدحض رواية “الإدمان”
الصيدلاني أحمد الأسعد، الذي تعامل مع يوسف خلال إقامته في ألمانيا، نفى تمامًا وجود أي مؤشرات على اضطرابات نفسية أو إدمان، مشيرًا إلى أن سجلّه الطبي الألماني نظيف، ويمكن لزوجته طلبه رسميًا. كما أكد أن القوانين الألمانية كانت لتتدخل فورًا لو ثبت وجود أي سلوك خطر أو تعاطٍ، وهذا لم يحصل مطلقًا.
تحرك رسمي… وتحقيقات قيد المتابعة
زار وفد من وزارة الداخلية منزل العائلة لتقديم التعازي، مؤكدًا أن جميع من تواجد في موقع الحادثة أُحيلوا للتحقيق، فيما أجرى وزير الداخلية، أنس خطاب، اتصالًا بوالدة يوسف، متعهدًا بـ”تحقيق شفاف لا يستثني أحدًا”.
من جهته، أوضح المحامي العام بدمشق، القاضي حسام خطاب، أن التحقيقات تجري تحت إشرافه، وتم تشكيل لجنة طبية ثلاثية لتحديد سبب الوفاة بدقة، مشيرًا إلى تحرّك قضائي مباشر منذ لحظة وقوع الحادثة.
القلق مستمر… والانتهاكات مستمرة
ورغم التطمينات الرسمية، يظل الغموض يلف القضية، ما يثير تساؤلات حول مصير التحقيقات، خاصة في بلد لم يشهد محاسبة حقيقية عن ممارسات التعذيب والانتهاكات الأمنية، حتى بعد سقوط النظام السابق.
بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتلت القوات الحكومية 50 مدنيًا خلال النصف الأول من 2025، بينهم حالة واحدة على الأقل تحت التعذيب في شهر حزيران فقط. كما وثّقت احتجاز 192 شخصًا بشكل تعسفي، بينهم نساء وأطفال.
قضية يوسف اللباد أعادت إلى الواجهة ملفًا لم يُغلق بعد، وتضع الحكومة الانتقالية أمام اختبار جديد في ملف حقوق الإنسان والمساءلة، وسط أنظار الشارع السوري المتأهّبة.
إقرأ أيضاً: واقع صحي صعب في سوريا بين نقص التجهيزات الحكومية وارتفاع تكاليف
إقرأ أيضاً: السويداء تعاني العطش: أزمة مياه خانقة بسبب تعطل الآبار وانقطاع الكهرباء