الصناعة السورية تحت ضغط المنتجات المهربة: نداء حلب لإنقاذ معاملها
تشهد الصناعة السورية، وخاصة في مدينة حلب، تحديات كبيرة بفعل التدفق العشوائي للبضائع المهربة، وعلى رأسها المنتجات التركية، التي دخلت بقوة إلى الأسواق السورية فور سقوط النظام السابق، ما شكّل تهديداً مباشراً لبقاء آلاف المعامل والورش الصناعية، لا سيما في القطاعين النسيجي والغذائي.
المنتجات المهربة تهدد الصناعة المحلية في حلب
أدى إغراق الأسواق ببضائع مستوردة إلى إغلاق عدد من المعامل في حلب، أو تخفيض طاقتها الإنتاجية إلى مستويات متدنية لا تتجاوز 15% في بعض القطاعات. وبينما رحب المواطنون بدايةً بانخفاض أسعار السلع المستوردة، سرعان ما ظهرت الآثار السلبية على الصناعة المحلية، في ظل منافسة غير عادلة لا تملك المعامل السورية معها قدرة على المواجهة.
ويحذر الصناعيون الحلبيون من تكرار سيناريو انهيار الصناعة كما حدث في مراحل سابقة، مطالبين بـ:
– قمع التهريب عبر الحدود
– إصلاح النظام الجمركي
– تخفيض أسعار الكهرباء والفيول
– منح إعفاءات ضريبية ودعم للطاقة البديلة
– تشجيع الاستثمارات الصناعية الصغيرة والمتوسطة
ويقول الصناعي علاء مرعي لصحيفة “الأخبار” إن دخول البضائع الأجنبية المستوردة والمهرّبة كان كارثيّاً على الصناعة المحلية. ولذلك، لا بدّ من حماية الصناعة المحلية عبر ضبط الحدود، وضع ضوابط جمركية للمستوردات، منح إعفاءات ضريبة وقروض بلا فوائد للطاقة الشمسية، إصدار قانون استثمار جديد، إعادة تأهيل البنية التحتية المدمّرة، وتخفيض حوامل الطاقة”.
ويحذّر من خطورة التأخّر في اتّخاذ قرارات فورية لوقف نزيف الصناعة الوطنية، ومنع كارثة إغلاق المعامل، التي تبدو اليوم فردية تحت تأثير الواقع الاقتصادي الصعب، لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه، سيضطرّ الصناعيون إلى الإغلاق مرغَمين”، مبدياً، مع ذلك، نوعاً من التفاؤل الحذِر حيال إمكانية تحسّن حال الصناعة في حلب، عند إحلال الأمان والاستقرار.
الصناعة النسيجية والغذائية الأكثر تضرراً
يؤكد الصناعي محمد الصباغ أن معظم المعامل النسيجية والغذائية تعمل بطاقة إنتاجية منخفضة جداً بسبب:
– ارتفاع تكاليف الإنتاج
– ضعف القدرة الشرائية للمستهلك السوري
– غياب الدعم الحكومي للمنتج المحلي
– الإغراق بالسوق ببضائع مهربة رخيصة
في حين أشار الصناعي محمود سلطان إلى أن الأحداث الأخيرة، مثل تدهور الأوضاع الأمنية في السويداء، أثرت بشكل مباشر على حركة السوق، ودفعته إلى الانتظار بدلاً من الإنتاج، مشيراً إلى الحاجة لقرارات سريعة لدعم الإنتاج المحلي وتشجيع التصدير.
الصناعات الهندسية في حلب.. نافذة تفاؤل
رغم الواقع الصعب، يبدي الصناعي محمود الشهابي بعض التفاؤل، خصوصاً في قطاع الصناعة الهندسية، حيث لا تعاني الورش نفس المنافسة الشرسة من البضائع المهربة. وأكد أن بعض المعامل بدأت بالفعل شراء خطوط إنتاج جديدة لتلبية الطلب المحلي وتحقيق فرص تصديرية إلى العراق، في انتظار فتح أسواق جديدة مثل لبنان والأردن.
الحلول المقترحة لدعم الصناعة السورية
يشدد الخبراء الاقتصاديون على أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الصناعة المحلية، وأبرزها:
1. ضبط الحدود ومنع التهريب
تفعيل الرقابة على المعابر الحدودية لمنع دخول البضائع غير النظامية التي تنافس المنتجات السورية دون رسوم جمركية أو مواصفات قياسية.
2. فرض رسوم جمركية على المستوردات
إعادة النظر في الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع المستوردة، وتطبيق تعرفة تفضيلية للمواد الأولية الداخلة في الإنتاج المحلي.
3. دعم الطاقة والإنتاج
تخفيض أسعار الكهرباء والفيول، وتوسيع اعتماد الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية ودعم القروض الصناعية، لا سيما للورش والمشاريع الصغيرة.
4. دعم مشاريع الصناعات الصغيرة والمتوسطة
توفير تمويل ميسر، وتشجيع دخول هذه المشاريع ضمن الاقتصاد الرسمي من خلال منح إعفاءات ضريبية كاملة، وتحفيز الاستثمار المشترك مع رؤوس أموال محلية وأجنبية.
5. حملات دعم المنتج الوطني
إطلاق حملات إعلامية تحث على شراء المنتج السوري تحت شعارات مثل: صُنع في سوريا، ادعم اقتصاد بلدك، الصناعة الوطنية أولاً.
صناعة حلب بين الواقع والطموح
تضم مدينة حلب الصناعية في الشيخ نجار ومناطق صناعية أخرى آلاف الورش والمعامل، وتُعدّ مركزاً رئيسياً لإنتاج:
– الألبسة والأقمشة
– الصناعات الغذائية
– الصناعات المعدنية والهندسية
– الأحذية والمنتجات الجلدية
ومع تزايد التحديات، يرى المراقبون أن توفير الحد الأدنى من الاستقرار الأمني والاقتصادي سيمنح فرصة حقيقية لتعافي القطاع الصناعي، وزيادة معدلات التوظيف والإنتاج المحلي، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري ككل.
إقرأ أيضاً: متاجر الدولار الواحد تنتشر في حلب وتستقطب الزبائن بأسعار منخفضة
إقرأ أيضاً: المناطق الصناعية في حلب تعاني نقص الخدمات وتفاوت الدعم