مسار العلاقة المغربية الجزائرية.. بوادر أمل أم نهاية مسدودة؟

داما بوست | منى دياب

لم تخرج العلاقة المغربية الجزائرية من النفق المظلم الطويل الذي دخلته منذ مرحلة الاستقلال، إذ يدخل النزاع بين البلدين كل حين والآخر بمحاولات فرض بيئة مشتركة لإحياء العلاقات بينهما، وسرعان ما تتدهور العلاقة عقب تصعيد في التصريحات الدبلوماسية أو خلل بإحدى الشروط التي يتم التوافق عليها.

ومؤخراً خرج الملك المغربي محمد السادس بتصريحات، اعتُبرت في الأوساط الإعلامية بمثابة مد اليد للجزائر من أجل إعادة روابط العلاقات.

وقال ملك المغرب خلال خطاب شعبي بمناسبة عيد العرش الذي يصادف الذكرى 24 لحصوله على العرش الملكي، إن العلاقات المغربية الجزائرية مستقرة، وأن بلاده لن تكون مصدراً لأي شر أو سوء لجارتها الجزائر، مشدداً على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار، على حد تعبيره.

 

انعكاس الموقف على الجزائر:

ولم تلق تصريحات ملك المغرب الصدى المتوقع في الجزائر، فلا مواقف رسمية معلنة حتى الآن، فيما يؤكد الخبير في العلاقات الدولية والجيوسياسية البروفيسور الجزائري “إدريس عطية” لـ “داما بوست” على كلام الرئيس الجزائري سابقاً بأن العلاقات بين المغرب والجزائر دخلت مرحلة اللاعودة. معتبراً أن ملك المغرب يمارس في خطاباته دوماً سياسية اليد الممدودة، بينما في الواقع يحمل بيده الأخرى خنجراً يضرب به الجزائر، على حد تعبيره.
واعتبر “عطية” أن وجود بادرة حسن نية في تحسين العلاقة يجب أن يتطابق عندها القول بالفعل، أي أنه يجب على الأقل أن يبدأ بتبييض الصورة الإعلامية إزاء الجزائر، إضافة للعمل على تهدئة السلوك الدبلوماسي الخارجي، على حد تعبيره.

وحول التساؤلات إن كانت المرحلة القادمة ستكون مرحلة طي للخلافات بين البلدين، أشار “عطية” إلى أن هذا الملف طُرح في مارس/آذار 2013 بين وزيري الخارجية الجزائري والمغربي، وقال إنه اتخذ 3 نقاط للبدء بمشروع إحياء العلاقة، ولاقى الأمر استجابة من المغرب لمدة لم تتجاوز بضعة أشهر، ومن ثم عاد لسلوكه الطبيعي، على حد قوله.
ولا يرى الخبير “عطية” أي بوادر تهدئة تلوح في الأفق، إذ أن المطالبة بفتح الحدود بين البلدين يجب أن تكون بجلسة مفاوضات مع الحكومة الجزائرية وليس رسالة شعبية، حسب قوله.

الدور الروسي:
وحول احتمالية أن تدخل روسيا كوسيط في المستقبل بحكم علاقتها الجيدة مع البلدين، تحدث “عطية” أن روسيا لم تعرض وساطتها، وقال.. “موسكو تدرك جيدا أن القضية مفهومة ولا يهمها المغرب بقدر ما يهمها الجزائر بحكم العلاقة التاريخية بين الاتحاد السوفييتي والجزائر، وحتى الآن”.
وعزا “عطية” أسباب قوة العلاقات بين روسيا والجزائر والاهتمام بها، للعلاقات العسكرية الوطيدة والأبعاد الاستراتيجية في التعاطي الدولي مع العديد من الملفات، مشيراً لأسباب قوة العلاقة مع الجزائر أكثر من المغرب، لأن المغرب تاريخياً كانت ارتباطاته غربية ومع الولايات المتحدة، على حد قوله.

ويرى الخبير “عطية” أن حل هذا الملف لن يتم دون إدراك المغرب بمشكلاته الأساسية في قناعاته مع الجزائر ومع الإرث التاريخي الكبير بينهما، سيما الابتعاد عن العقيدة التوسعية التي تمارسها المغرب مع دول الجوار جميعها، على حد تعبيره.
وختم “عطية” حواره مع داما بوست، بأن مطالبات المغرب بفتح الحدود والمحاولات بمد يد الصلح لن تعدو كونها لأسباب خلق منفس للشعب المغربي الذي أصبح محصوراً جغرافيا، في ظل العلاقات المتوترة مع الجزائر والعلاقات المتذبذبة مع إسبانيا، على حد قوله.

دوافع المغرب:
ومن الجهة المقابلة، فسّر الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية “مولاي هشام معتضد” لـ “داما بوست” تأويلات حديث ملك المغرب حول المقصود من استعماله للعبارة “العلاقات المستقرة بين المغرب والجزائر” بأنه اختيار سياسي للإجابة عن كل التأويلات الإقليمية والدولية لسياق العلاقات الثنائية بين الرباط والجزائر، والتي عادة ما يشخصونها بالمتدهورة جداً والخطيرة والوشيكة على الدخول في مرحلة النزاع العسكري أو المناوشات الحربية.

ويرى “معتضد” أن هذا التوضيح السياسي ينسجم مع رغبة المؤسسة الملكية المغربية في بناء قنوات تواصل على أعلى مستوى مع القيادة في الجزائر، من أجل خلق السياق المناسب لفتح المحادثات الثنائية بين البلدين من أجل تجاوز الخلاف السياسي بينهما، على حد قوله.
ويصف ” معتضد” حالة الشعب الجزائري بأنه يتعرض لتضليل إعلامي بخصوص سياق فضائه السياسي، عاداً حديث ملك المغرب بأنه رسالة طمأنة للجزائريين من أجل إزالة ما سمّاها “الشكوك”.

ويؤكد “معتضد” أن نهج المغرب السياسي يصب في اتجاه بناء جسور للتواصل بين الشعبين الشقيقين، وبناء قنوات للحوار السياسي بين قيادتي البلدين، ومنذ وصول الملك محمد السادس لسدة الحكم، وخاصة بعد تأزم العلاقات الثنائية بين الرباط والجزائر، اختارت المؤسسة الملكية التوجه الدبلوماسي لحلحلة الخلاف السياسي بين البلدين”.
وحول مسألة “طي صفحة الخلاف بين البلدين” يصف “معتضد” الأمر بأنه رهينة بخلق سياقه المناسب، والأهم أن خلق السياق يتطلب انخراط الطرفين بشكل إيجابي دون شروط وبشكل مباشر دون تحفظات و بمنطق يحترم التوجهات السيادية للبلدين، على حد قوله.

ويوضح “معتضد” أن التاريخ المشترك والكثير من الجوانب التي تجمع البلدين والموروث الثقافي المشترك بالإضافة إلى الانتماء لنفس الفضاء الجغرافي، والاشتراك في مواجهة نفس التحديات ومحاولة كسب نفس الرهانات، جميعها عوامل يجب استغلالها للتوجه نحو مستقبل مشترك بدلاً من الانشغال بالحسابات السياسوية الضيقة”.

 

مستقبل العلاقة الروسية المغربية:
وتطرق ” معتضد” في حديثه لعلاقة المغرب بكل من روسيا وبيلاروس، مؤكداً أنها علاقات عادة ما تطبعها الثقة السياسية والتعاون الاستراتيجي بعيداً عن الخندقة الإيديولوجية، مشيراً للإشادة الدبلوماسية التي أبداها كل من بوتين ونظيره البيلاروسي بالمغرب عقب القمة الروسية الافريقية، معتبراً أنها تنسجم مع روح التفاهم الدبلوماسي بين الرباط وموسكو وتؤكد الانخراط المشترك للبلدين في تنزيل رؤيتهما على الميدان، حسب قوله.

 

وكانت قد قُطعت العلاقات الجزائرية المغربية في أغسطس/ آب عام 2021، عقب اتهام الجزائر للرباط بالقيام بأعمال عدائية، ولم تكن القطيعة الأولى إذ أن العلاقة بين البلدين متوترة منذ الاستقلال 1962، على خلفية نزاعات حول الصحراء الغربية الذي يدّعي المغرب سيطرته على 80% منه، وسط مطالبات جزائرية بإجراء استفتاء ديموقراطي تُقرر على أساسه تبعية المنطقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التجارة ‏الداخلية: مخزون القمح يكفي لأكثر من ‏عام.. التشدد باتخاذ أقصى العقوبات ‏للمحتكرين استقرار سعر غرام الذهب في السوق المحلي استقرار أسعار النفط قبل اجتماع "أوبك+" من واشنطن.. الملك عبدالله الثاني يؤكد رفضه كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا ريال مدريد يتكبد الهزيمة الثانية في الليغا الحرارة حول معدلاتها وأمطار محلية خفيفة متوقعة على بعض المناطق أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الخميس في اليوم الـ426 للعدوان.. حملة اعتقالات واسعة تطال نابلس ليفربول يتعثر أمام نيوكاسل.. والسيتي يستعيد ذاكرة الانتصارات وزير الخارجية المصري يؤكد في محادثات مع نظيريه الإيراني والأميركي وقوف بلاده إلى جانب سوريا بضغط عشائري.. "قسد" تسمح للوافدين العرب بالدخول لمناطقها وزير الخارجية لـ قائد قوة الأمم المتحدة بالجولان: نرفض الإجراءات غير القانونية للاحتلال مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025 قوائم لاهاي السوداء وشبح الاعتقال يطاردان جنود الاحتلال وقادتهم السـورية للطيران: معالجة كافة تذاكر سفر الوافدين من محافظة حلب بكل مرونة مدير النقل الطرقي يتحدث لـ "داما بوست" عن الاجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بنقل حلب عشائر دير الزور برسالة للتحالف الأميركي: لسنا تنظيم "داعش".. وسنتعامل مع أي معتد مصدر في وزارة التموين لـ "داما بوست": المخابز تعمل بكامل طاقتها في جميع المناطق دون الحاجة لأوراق ثبوتية.. التربية والتعليم العالي: يمكن للطلبة الوافدين من حلب الالتحاق بالمدارس وا... الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية إضراب وحالة طوارئ.. ماذا يحصل في كوريا الجنوبية؟ الصباغ يجري اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الأربعاء   وسط التحديات...إدراج صابون الغار الحلبي على قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو الحرارة حول معدلاتها والجو بين الصحو والغائم جزئياً