داما بوست-خاص| لن تكون الحرب ضد حزب الله في لبنان ” حادة وسريعة” كما يدعي وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، وله في الحرب على غزة عبرة، وجوقته ممن يسمون وزراء أقصى اليمين، فهم يصرون على فتح جحيم الحرب في الشمال متجاهلين القدرات الكبيرة للمقاومة اللبنانية المتمثلة في حزب الله.
وتصدر أصوات من داخل الكيان تنتقد تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين بشأن الدخول في حرب مع لبنان وتشكك باستعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي وتنادي إلى التسوية في غزة وتحقيق صفقة تبادل الأسرى للخروج من مأزق الجبهة مع لبنان.
ما يفعله حزب الله ليس سوى مقاومة مشروعة للدفاع عن النفس والأرض في لبنان وفلسطين، وهو يدفع العدوان وليس له أي هواية في القتل والتدمير كما يفعل الكيان الصهيوني في غزة وشمال لبنان وسوريا، وهذا أمر واضح ويعرفه الكيان الصهيوني جيداً.
الدخول في حرب موسّعة مع لبنان، يلاقى معارضة من شرائح واسعة في الشارع الصهيوني، في ظل استمرار عمليات حزب الله وتصعيدها دفاعاً عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، منذ نحو 9 أشهر.
“لا لحرب في الشمال”، هذه العبارة ولاءات كثيرة تشبهها من المؤكد وصلت لمسمع “وزراء أقصى اليمين” الذين يصرون على الحرب، وثقبت طبلة أذن وزير مالية الكيان بتسلئيل سموتريتش الذي يضلّل الجمهور عندما يقول “إنه لا يوجد خيار سوى شن حرب ضد حزب الله”، كما يضلل الجمهور في وصفه للحرب بأنها حادة وسريعة، وهو انطباع سائد عن سموتريتش في الأوساط الإعلامية الصهيونية، ولدى الجمهور الصهيوني.
الحقيقة تقول إن حرباً مهما كان حجمها مع حزب الله لن تقف عند حدود لبنان، بل ستتدحرج مثل كرة الثلج وتكبر رويداً رويداً وقد تتسع وتتطور إلى حرب إقليمية، وفي ضوء عدم استعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي لها، فإنها ستلحق أضراراً جسيمة بجبهة الكيان الداخلية، وتلكفه آلاف القتلى والجرحى.
الاحتلال الإسرائيلي يعول في أي حرب يشنها على دعم واشنطن، لكن الولايات المتحدة هذه المرة لن يكون بمقدورها مساعدة “إسرائيل” في حرب شاملة مع حزب الله، فأمريكا تدعم أوكرانيا ومشوشة عسكرياً ودبلوماسياً وحتى داخلياً، وتعي أن أي دعم تقدمه للكيان لن يفيد في التعامل مع الصواريخ قصيرة المدى التي يطلقها حزب الله.
خطر حرب شاملة سيكون كارثياً وصادماً للكيان بالدرجة الأولى في ظل وجود حكومة تائهة في رمال غزة وغير قادرة على التوصل إلى أي اتفاق بشأن استعادة الأسرى، والملفت أن حكومة نتنياهو تحرض ضد قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتثقل كاهل الذين يخدمون، وتدعم المتهربين من التجنيد.
مواقف شخصيات كثيرة في الكيان تفضل التسويات السياسية بديلاً عن الحرب ومنها موقف وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي يفضل التسوية السياسية على الحرب، وهو تفضيل يشاركه به جميع المستوطنين، الذين يريدون استعادة الأسرى والعودة إلى مستوطنات الشمال.
ما يحدث في غزة لا ينفصل عن مجمل المشهد في المنطقة، فالترابط الحيوي والاستراتيجي قائم وما يؤلم غزة يؤلم لبنان وجميع محور المقاومة، وهذا يؤكد ترابط الجبهات بين غزّة ولبنان، وهذا ما أكد عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن إطلاق النار في لبنان سيتوقف مع وقف القتال في غزة.
الغليان في الداخل الصهيوني ضد حكومة نتنياهو وخصوصاً من ذوي الأسرى الصهاينة نابع من المعرفة أنه بمجرد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ تبدأ المفاوضات السياسية الغير مباشرة بين “إسرائيل” ولبنان، في ضوء تسريبات عن صياغة مسودة مقترح لتسوية بين “إسرائيل” ولبنان، وهي تنتظر وقف إطلاق النار، وحينها تهدأ جبهة غزة ويطلق سراح الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية.
وكانت رسالة السيد حسن نصر الله واضحة إلى مستوطني شمالي فلسطين المحتلة، الذين يستعجلون العودة، داعياً إياهم إلى “التوجه إلى حكومتهم حتى توقف العدوان على غزة”.
حزب الله ممسك بالوضع في الشمال وهو من يحقق الإنجازات النوعية، مع أن المسؤولين الإسرائيليين يحاولون خلق رواية مضللة، على عكس ذلك يزعمون فيها تحقيق إنجازات كبيرة عند الجبهة مع لبنان، وذلك بهدف تبرير عدم الدخول في حرب مع حزب الله، وهذا منطق الضعيف المهزوم.
“إسرائيل” بالفعل تبحث عن سلم للنزول عن شجرة الحرب في الشمال وتستعد لسرد قصة عن الإنجازات الكبيرة، المزعومة، ومن هذا المنظور تتوالى التحذيرات والنصائح من داخل الكيان والتي تقول “لا للحرب مع حزب الله في الشمال”.
وفي ضوء مأزق كيان الاحتلال عند الجبهة الشمالية، من المؤكد أن “إسرائيل” مستعدة لتسوية سياسية مع حزب الله، لكنها تتلمس طريقاً يحفظ لها ماء وجهها الذي أهرقته المقاومة في لبنان وفلسطين، والمستوى السياسي الإسرائيلي يفضل التوصل إلى تسوية مع حزب الله، تسمح للإسرائيليين بالعودة إلى مستوطنات الشمال، وهذا واقع كشف عنه الإعلام الصهيوني وغالبية المستوطنين وجم غفير من ساسة وعسكر الكيان.